في ظل الأزمة الإقتصادية الآخذة في التطوّر الإنحداري والتأزم، إنخفضت القيمة الشرائية للمواطن العادي وأصبح دخله لا يغطي نصف ما كان قبل 17 تشرين الأول 2019. والذي زاد الطين بلّة هو فقدان العديد من السلع من ارتفاع أسعار المتوفّر منها.
صحيح أنّ الدولة دعمت الخبز والدواء والمحروقات، وهذه ساعدت دخل المواطن نوعاً ما، لكن كلّ أو أغلبية المواد الغذائية المستوردة زادت قيمتها توازياً مع زيادة قيمة العملة الصعبة مقابل الليرة اللبنانية.
هنا ظهرت عيوب السياسة الإقتصادية المعتمدة منذ عام 1992 والتي تجلّت بالإنفتاح المفرط وتخفيض الرسوم الجمركية إلى معدّل دون الـ 5% وتوقيع إتفاقيات التبادل التجاري الحرّ مع دول عديدة تدعم إنتاج منتجاتها وتدعم تصديرها. أدّت هذه السياسة الخاطئة إلى إحجام المزارعين اللبنانيين عن إنتاج العديد من المنتجات الغذائية، حيوانيةً كانت أم نباتية.
والآن، وبعد أن حلّت الكارثة، لا بدّ من تصحيح المسار بتحفيز المزارعين اللبنانيين على الولوج في إنتاج حاجة لبنان من معظم غذائه. والتحفيز يعني حماية المزارعين حمايةً جمركية فاعلة وضبط الحدود البرّية مع سوريا لمنع تهريب مواد غذائية تنافس الإنتاج اللبناني.
علاوة على ذلك، هنالك تملمُل طال أمدُه من إنخفاض قيمة المنتجات الزراعية والغذائية التي يحصل عليها المزارع يقابله تملمُل المستهلك الذي يدفع أثماناً تفوق ضعف القيمة التي تصل للمزارع. فعليه، لا بدّ للبلديات من إنشاء أسواق شعبيّة على عقارات تملكُها في كل المدن والأقضية في لبنان. الهدف من هذه الأسواق هو تمكين المزارعين والتعاونيات والنقابات الزراعية من عرض منتجاتها بأسعار عادلة لها ومُنصفة للمستهلكين فتعزِّز بذلك العلاقة بين الإثنين من جهة، وتوفِّر دخلاً عادلاً للمنتجين وسعراً عادلاً للمستهلك بتخطي الوسطاء ومنافذ البيع وتحكُّمهم بالأسعار إلى درجة مضاعفتها في معظم الأحيان.
فخلال مؤتمر "نهوض الزراعة في لبنان" الذي إنعقد في 27/9/2019 ركزت التوصيات على مطلب إنشاء الأسواق الشعبية. كان ذلك قبل الإنتفاضة الشعبيّة وقبل الإنهيار المالي والإقتصادي.
موسى فريجي
mfreiji@tanmia.com.lb
www.musafreiji.com
05/05/2020