التعاقد مع المزارعين دون بيع ولا شراء – تجربة حية

November 03, 2003 Musa Freiji Articles

من المسلم به أن الشؤون التي تعترض سبيل المزارع أيا كان تتمثل في المعوقات الأساسية التالية: 1) توفر راس المال لتمويل مزروعاته أو منتجاته. وان توفرت تواجهه صعوبة الحصول على التمويل بفائدة متدنية. 2) توفير النوعية الجيدة من مدخلات الإنتاج بأسعار عادلة. 3) تأمين بيع المنتج بأسعار تزيد عن التكلفة. 4) مخاطر الحصول على قيمة المنتج المباع للتجار.

لهذه الأسباب الرئيسية يجد المزارع صعوبة في الاستمرار وغالبا ما يتعثر أو يواجه خسارات كبيرة.

ابتكرت شركة التنمية الزراعية طريقة تبعد عن المزارع هموم التمويل والنوعية والتسويق إلى حد كبير وتبعد عنه شبح مخاطر الخسارة في كل حين وألزمته على التركيز على كفاءة إنتاجه كي يحسن من مستوى دخله.

تتمثل طريقة شركة التنمية الزراعية في التعاقد مع المزارعين مربي الفروج في لبنان بان تقوم الشركة بتوفير مستلزمات الإنتاج من صيصان وأعلاف ولقاحات وأدوية وإشراف فني دون أية قيمة واستلام الفروج بعد تربيته حتى عمر التسويق دون أية قيمة أيضا. يتمثل دور المزارع المتعاقد مع الشركة بتوفير مزرعته كاملة التجهيز والعمالة والإنارة والتدفئة والإدارة مقابل دخل يرتبط بكفاءة الإنتاج والتي تقاس بعاملي معامل تحويل العلف إلى وزن حي ونسبة النفوق أثناء فترة التربية.

أما مهام بيع المنتج النهائي وأسعاره والتسويق والمخاطر المترتبة على نوعية الإنتاج ذاته أو نسبة النفوق المرتفعة أو الكوارث الطبيعية والكوارث الناتجة عن الأمراض الفتاكة أو الحريق فتقع كلها على كاهل الشركة.

لكن للقيام بالإنتاج بتكاليف تنافسية يترتب على كل من الشركة والمزارع توفير عناصر الإنتاج بدرجة عالية من الإتقان.

العناصر التي تقع مسئوليتها على الشركة

أولا: تربية الأمات المؤصلة

يتطلب ذلك تقنية متقدمة خاصة لجهة الحظر الوقائي ومنع تعرض الأمات إلى الأمراض الوبائية التي تنتقل رأسيا عن طريق بيضة التفريخ إلى الصيصان. تتطلب أيضا اختيار السلالات المؤصلة التي تتوفر فيها شروط مقاومة الأمراض وكفاءة تحويل العلف إلى لحم. على الشركة اعتماد مبدأ العمر الواحد في المزرعة الواحدة وعليه يجب توفير مزارع منعزلة بعيدة عن تربية الطيور البياضة أو التسمين ومتباعدة عن بعضها ومستقلة الإدارة ضمن سور محكم.

ثانيا: تفريخ الصيصان

يتطلب ذلك مفقسا عالي التجهيز ذات إدارة مميزة وذلك لتفريخ البيض وإنتاج الصيصان سليمة البنية خالية من التلوث البكتيري أو الفطري. على إدارة المفقس القيام بتحصين الصيصان ضد الأمراض الفيروسية ثم نقلها إلى المزارع بسيارات مجهزة التكييف صيفا وشتاء .

ثالثا: تصنيع الأعلاف

يتطلب ذلك مصنعا متكاملا من بناء وإهراءات ومعدات كفؤة. كما يتطلب توفير المواد العلفية المختلفة ومعظمها مستورد من خارج لبنان بكميات كبيرة ونوعيات جيدة تلبي احتياجات الطائر الغذائية.

رابعا: مسلخ الطيور وتصنيع لحمها

يعتبر المسلخ صلة الوصل الدقيقة بين إنتاج الفروج الحي وتوفير لحم الطيور للمستهلك إما نيئا طازجا أو مجهزا بوصفات مختلفة. قد تكون هذه الحلقة من حلقات إنتاج لحم الدواجن الأكثر صعوبة والأكثر دقة لما تتطلبه من تجهيزات عديدة ومعقدة تشمل خطوط الذبح ونتف الريش والتجويف ونزع الأحشاء والتنظيف والتبريد الآلي ثم التقطيع وفصل اللحم عن العظم والتوضيب وتصنيع اللحم وتحويله إلى وصفات متعددة كاملة الطهي.

على المصنع أن يكون مجهزا بسيارات نقل الطيور الحية وبالطاقة الكهربائية الكبيرة ومراجل البخار وأجهزة التبريد الدقيقة ومخازن التبريد ومخازن التجليد وصواعق التجليد وآلات التصنيع وآلات التوضيب وخطوط إنتاج متعددة الأغراض ورتل من السيارات المبردة أو المجلدة لنقل المنتج النهائي إلى منافذ البيع مبردا أو مجلدا.

خامسا: جهاز الإدارة وجهاز المبيعات

لن نغالي إذا قلنا أن إدارة مشروع متكامل من هذا الطراز تتطلب إدارات متعددة منها الإدارة الفنية المتمرسة على تربية الدواجن بمراحلها المختلفة والإدارة الكفوءة للمسلخ وأقسامه المتعددة وإدارة المشتروات وإدارة المبيعات والإدارة المالية والإدارة التسويقية.

العناصر التي تقع مسؤولياتها على المزارع

مزارع لتربية الفروج

تقع هذه المهمة على المزارع المتعاقد مع الشركة. عليه توفير المزرعة المنعزلة نسبيا مبنية بناء سليما تقي الطيور من العوامل الجوية المتقلبة صيفا وشتاء وتمنع دخول الطيور البرية إليه. عليه أيضا تجهيز المزرعة بالمعدات الكفوءة التي لا تتسبب بهدر العلف أو الماء والتي تؤمن التدفئة اللازمة للصيصان والتبريد في فترات الحر الشديد والتهوئة المتزنة في كل حين. عليه توفير الإدارة الحسنة وإحكام عزل المزرعة عن الخارج من الناس أو الحيوانات الأليفة أو البرية درءا لتعرض الطيور إلى الأمراض الفيروسية أو البكتيرية.

نموذج من تفصيل تعويض المزارع

1. لقاء قيام المزارع بتربية الفوج في مزرعته والإشراف على التربية والعناية بالفوج وتقديم كل وكافة ما التزم بتقديمه في العقد فإنه يتقاضى أجرا وفقا لما هو منصوص عليه في البند 2 لاحقا. 2. إن أجر المزارع يرتبط بمدى نجاح الفوج من حيث نسبة النفوق ومستوى النمو ونسبة تحويل العلف إلى وزن حي. وعليه فإنه من أجل تحديد أجر المزارع تعتمد القاعدة المفصلة في الجدول التالي:

كفاءة العلف كفاءة الحيوية مجموع الأجر نسبة التحويل ** الأجر للألف* (دولار) نسبة النفوق % الأجر للألف* (دولار) دولار للألف* 1.70 فمافوق 375 1.75 350 1 130 1.80 325 2 130 1.85 300 3 130 الأجر 1.90 275 4 115 1.95 250 5 100 عن 2.00 225 6 85 2.05 195 7 70 كفاءة العلف 2.10 165 8 50 2.15 135 9 30 زائدا 2.20 105 10 10 2.25 75 11 فما فوق 0 الأجر 2.30 45 2.35 15 عن 2.40 فمافوق 0 كفاءة الحيوية

* تعني ألف طائر مسلمة حية خالية من الكسور والجروح والعلف وصالحة للذبح وأوزانها لا تقل عن كيلة واحد ونصف الكيلو.

** تعني عدد كيلوات العلف المستهلكة مقسومة على عدد كيلوات الوزن الحي الصافية المسلمة للشركة. تحليل للتكاليف ونصيب الشركة والمزارع منها

الأكلاف التي تتحملها الشركة

نوع الكلفة النسبة المئوية

صيصان عمر يوم 13.72 أعلاف 59.52 لقاحات 1.65 أجور نقل طيور حية 2.23 _________ المجموع 77.12 %

الأكلاف التي يتحملها المزارع

نوع الكلفة النسبة المئوية

أيجار المزرعة أو استهلاكها 3.12 يد عاملة 5.08 نجارة الخشب 1.12 غاز للتدفئة 1.72 معقمات 0.11 كهرباء 1.09 صيانة 0.03 أجور تحميل الطيور الحية 1.01 _________ المجموع 13.28 %

دخل المزارع الصافي 9.60 % _________ 100.00 % بلغ عدد المزارعين المتعاقدين مع الشركة حتى يومنا هذا خمسين مزارعا متوسط إنتاج المزارع الواحد عشرين ألف فروج في الدورة البالغة ستين يوما. كما بلغ متوسط دخل المزارع الصافي أربعة آلاف دولار في الدورة. يربي المزارع في مزرعته ستة أفواج في السنة وبذلك يكون متوسط دخله الصافي السنوي أربعة وعشرين ألف دولار.

إن قدرة شركة التنمية الزراعية الإنتاجية والتسويقية الحالية تسمح لها برفع تعاقداتها مع مزارعين آخرين يوازي عددهم خمسة أضعاف العدد الحالي المتعاقد معه أي أنه بإمكانها التعاقد مع مزارعين باستطاعتهم تربية ثلاثين مليون فروج إضافية سنويا يصل عددهم إلى 250 مزارعا على أساس المتوسط المتعاقد معه حاليا.

لكن لا يمكن للشركة بأن تقدم على هذا العمل الجبار إلا بعد أن تقوم الدولة بواجبها نحو حماية الإنتاج الوطني بصورة واضحة لا تقبل التأويل وعلى الأخص الحماية من دخول الإنتاج السوري بصورة غير مشروعة وعلى يد مافيات المهربين الخارجين على القانون.

إننا نقدر بأن هذه المافيات تهرب إلى الأسواق اللبنانية ما يزيد عن عشرة آلاف طن من لحم صدر الدجاج وشاورما الدجاج تحتاج إلى ثلاثين مليون فروج لتأمينها. أي أن المهربين أوقفوا ما لا يقل عن 250 مزارعا عن الإنتاج كان بمقدورهم الاستمرار والعمل بصورة طبيعية.

وما يقال عن تهريب لحم الدجاج يقال ويزيد عن منتجات زراعية وغذائية أخرى حدث عنها ولاحرج.

يمكن لتجربة شركة التنمية الزراعية الناجحة أن تعمم على قطاعات زراعية أخرى شريطة أن يتوفر للمزارعين عنصر الحماية من المنافسة الخارجية المشروعة وغير المشروعة على حد سواء.