المفهوم الخاطئ لاتفاقية الغات

October 19, 1999 Musa Freiji Articles

يمضي لبنان في المباحثات مع منظمة التجارة العالمية WTO والتي كان يطلق عليها اسم الغات GATT ( الاتفاقية العامة للتعرفات الجمركية والتجارة ) ولن يمضي وقت بعيد إلا وقد وقع هذه الاتفاقية.

قلما تحدثت مع مسؤول أو نائب حول هذه الاتفاقية إلا وبادر بالقول أن اتفاقية الغات تلزم لبنان على تحرير تجارته من أية قيود مع الدول الموقعة وذلك فور التوقيع . وفي رأي المسؤول، يكون الحديث عن أية إجراءات حمائية للإنتاج المحلي هو حديث في غير مكانه . واستطراداً فإن الحديث عن معالجة مشكلة تهريب المنتجات السورية إلى لبنان أو تعديل الاتفاقيات الثنائية مع دول عربية مثل مصر والأردن والكويت وسوريا إنما هو عمل غير مقبول طالما نحن على أبواب تحرير التجارة .

إن هذا المفهوم هو مفهوم خاطئ تماماً مردّه عدم اطّلاع السواد الأعظم من المسؤولين على اتفاقيات الغات . وتبياناً للحقيقة نورد فيما يلي أهم المعطيات حول قوانين منظمة التجارة العالمية :

أولاً : يقع لبنان في تصنيف المنظمة بين الدول النامية ويتمتع تبعاً لذلك بحق حماية أي منتج من منتجاته الوطنية .

ثانياً : إن الإجراء الحمائي الوحيد المقبول لدى المنظمة هو الحماية الجمركية . وهذه تعني أن للبنان الحق في وضع التعرفات الجمركية التي يراها مناسبة لكل منتج على حده حتى ولو وصل رقم الحماية إلى 300 بالمائة . لكن يجب أن يحدث ذلك عشية المفاوضات النهائية وليس بعدها .

ثالثاً : يفاوض لبنان المنظمة في كل سلعة على حده لوضع جدول زمني لتخفيف التعرفة الجمركية مما هي عليه عشية المفاوضات إلى أدنى مستوى ممكن خلال عشر سنوات . تسعى المنظمة دائماً بأن تنزع الحماية عن السلعة المحمية تماماً في نهاية السنوات العشر لكنها لا تصرّ على ذلك . يبقى على المفاوض اللبناني تقديم المبرر والحجة بسبب الإبقاء على الحماية الجمركية أو تخفيضها تخفيضاً جزئياً في نهاية السنة العاشرة وفي مراحل لاحقة .

رابعاً : للبنان أن يضع المواصفات القياسية اللبنانية على منتجاته المحلية . ويحق له أن يفرض هذه المواصفات على المستورد منها دون اعتراض المنظمة .

خامساً : على لبنان أن يتحرّى إجراءات الدعم بأشكالها المختلفة والتي قد تقدمها الدول لمنتجيها. ثم يمكنه وضع رسم إغراق يوازي قيمة الدعم على كل منتج مدعوم مستورد إلى لبنان .

سادساً : يحق للبنان أن يدرس السعر الواجب اعتماده كأساس للرسم الجمركي لأية سلعة مستوردة وذلك عن طريق التحقق من سعر مبيعها في بلد المنشأ .

بناءً لما تقدم يتوجب على لبنان أن يسارع إلى وضع التعرفات الجمركية القصوى على كل سلعة مستوردة وتكون مثيلتها منتجة في لبنان كإجراء حمائي قبل المضي في مفاوضة منظمة التجارة العالمية . ويكون بذلك قد فعل ما فعلته كل الدول صناعية كانت أم متقدمة أم نامية أم فقيرة قبل توقيع اتفاقية الغات .