يبدو أنّ إستمرار تعطيل عمل الدولة هو عمل مدبّر من أجل تيئيس الشعب ومن أجل إفراغ كفاءاته وتهجيرها إلى بلاد الله الواسعة. إنه لعمل خبيث تفرضه الدول الغربيّة بموافقة حكوماتنا المتعاقبةبواسطة أساليب ثلاث:
الأول، هوفرض العقوبات الجماعية كي تؤثّر بشكل مباشر على نهوض الاقتصاد في لبنان.
الثاني، هوإبقاء النازحين السوريّين في لبنان. فيتمتعون بالإعانات الماليّة والوظائف غير الشرعيّة وتسهيل أمورهمبغض النظر عن الأثر الاقتصادي والبيئي والقانوني على المجتمع الحاضن أو المستضيف نوعاً او قصراً، وهذا أمر غير مسبوق عالمياً. يتمّ ذلك عن طريق إغرائهم بإعانات نقديّة شهريّة تكفيهم.
والثالث، هو سوء استخدام سلطة الجيش والقوى الأمنيّة خلافاً لروح ونص الدستور وذلك بعد تحسين رواتبهم من خارج الدولة، فتقف القوى الأمنية في وجه أي إحتجاج أو تظاهر شعبي ضد سياسات الهدر والتدمير الاقتصادي والإجتماعي لمصلحة رعاية الفساد من الدولة.
ولكن ما يثير التعجّب هو عدم وجود أي ممانعة فعليّة من أي من الأحزاب اللبنانيّة وإنخراط وإمساك كل منها بطرف من مسؤولية تفكّك وانهيار الوطن.فكيف يتناسب دور أي حزب مع الدستور اللبناني اذا ما نتج عنه الإذلال والتبعيّة وتعطيل مصالح المواطنين وخسارة الكفاءات الشابة التي هي مستقبل لبنان؟وكيف لا تتوافق هذه الأحزاب لا سيّما التي نزفت دماً دفاعاً عن لبنان، لِصون مصلحة لبنان خاصة مع موضوع النازحين؟
نحن لا نجد أي مبرّر لإبقاء النازحين عنوةًسوى لتنفيذ أجندة تخدم مصالح العدو الإسرائيلي والأجندات الأميركية والأوروبية وغير اللبنانية الأخرى. فهل هو عقاب للبنان وشعبه خلافاً لخطاب الدعم وعدم التخلّي عن البلد ودوره الذي يردّده المجتمع الدولي والغرب خصيصاً، أم هو إعاقة لإعادة بناء سوريا التي تحتاج إلى كفاءة شعبها المهجّر؟
ألا يحق لنا أن نتساءل عن تصرفات الإدارة الأميركيّة التي افتخر رئيسها السابق ترامب بإذلال العرب بينما كان هو من يلتمس المساعدات من القادة العرب، ليعود ويستخدمها لمحاربة العرب عبر تمويل الآلة الحربيّة الإسرائيليّة. فهل أصبحت الإدارة الأميركيّة رهينة لهيمنة اللوبي الصهيوني الذي ضرّ ويضرّ بمصالح الشعب الأميركي والشعوب العربية ولبنان منهم؟ أم هل تنوي الصهيونيّة في الولايات المتّحدة ان تخرّب هذا البلد كما فعلت وتفعل طوال قرون من الزمن مع العديد من الدول الأخرى؟
وهل ينقسم المسؤولون اللبنانيّون سواء كانوا في السلطة التشريعيّة أو القضائيّة أو التنفيذيّة،وضمنًا الإدارية والأمنيّة، بسبب مصالحهم الخاصة، ويتغاضون عن فرصة حماية الوطن بعدم الوقوف بوجه السياسات المفروضة على لبنان؟ فهناك من يتلطّى بحجة الوقوف امام العدو الإسرائيلي ويغيبون عن الأخطار الأخرى المُحدقة. وهناك من يغيبون عن الأخطار المحدقة بلبنان من إسرائيل وتواطؤ الغرب معها ضد مصلحة لبنان ولقمة عيش المواطن ومستقبله، بحجة الدفاع عن السيادة في بلدٍ فقدَ قيمة عملته السيادية الوطنية.
يبدو لنا أن النتائج التدميريّة المباشرة للإقتصاد والسيادة التي نحصدها من السياسات الخاطئة والتبعيّة العمياء التي تمارسها السلطة، أصبحت واقعاً مفروضاً على شعبٍ مقهور. ويبدو أن السلطة، كلّ السلطة أصبحت رهينة للإستعمار.