تحيّة وإحتراماً وبعد،
سبق لي، بصفتي مستثمراً بقطاعات إنتاجية في لبنان ومصر والسودان والأردن وسابقاً في سوريا والسعودية، وبصفتي نقيب منتجي الدواجن في لبنان، أن خاطبت خطيّاً وزراء المالية والزراعة والإقتصاد والصناعة بضرورة وأهميّة حماية الإنتاج الوطني حماية جمركية فاعلة تحفيزاً للإستثمار في الصناعة والزراعة خاصةً في ظلّ إنكماش السياحة. لدى مقابلتي للوزراء المعنيين وجدت أنَّ جلّهم يعتبر إنَّ الإتفاقات المُبرمة مع المؤسسات الدولية والعربية كإتفاقية اليورو متوسطية وإتفاقية المنطقة العربية الحرَّة، وكذلك إتفاقيات التبادل التجاري الحرّ الثنائية مع العديد من الدول العربية، جميعها تمنع لبنان من رفع الرسوم الجمركية على مستورداته، هذه الرسوم التي وصلت الى حدود الخمسة بالماية وذلك قبل قبول لبنان عضواً دائماً بمنظمة التجارة العالمية.
إنَّ نتائج الإنفتاح الكبير الذي مورِس منذ عام 1992 حتى يومنا هذا لم يعطِ لبنان أيَّ ميزة تصديرية لمنتجاته ذات الكلفة المرتفعة، بل فتح باب الإستيراد على مصراعَيه إلى أن وصلت نسبة الصادرات ما دون العشرين بالماية من الواردات ووصل عجز الميزان التجاري لعام 2015 الى 18 مليار دولار. إذاً كانت نتيجة الإنفتاح المعتمدة هي إقفال العديد من الصناعات وتراجع الزراعات وتزايد هجرة الكفاءات والرساميل. لم ينتفع من هكذا سياسة إلاَّ الدول الأخرى التي وقَّعنا معها إتفاقيات تبادل تجاري حرّ.
لا أخالُكُم تخالفوني بأنَّ أيّ سياسة إقتصادية معتمدة من أيّ دولة في العالم إنَّما تُبنى على مصلحة تلك الدولة ومصلحة مواطنيها. وبالنسبة الى لبنان، وبعد مرور ربع قرن على إعتماد سياسة الإنفتاح، وعدم حماية الإنتاج الوطني، وفي ظل العجز الكبير في ميزانية الدولة وفي الميزان التجاري الكلّي، وفي ظل هجرة الرساميل والكفاءات، فإنَّ سياسة الإنفتاح أثبتت فشلها الذريع. لقد آن الأوان للإعتراف بهذه الحقيقة والرجوع عن هذه السياسة وإعتماد وضع رسوم جمركية فاعلة على كل المنتجات التي تُنتَج أو يمكن أن تُنتَج في لبنان تحفيزاً لأصحاب الرساميل والخبرات للإستثمار في لبنان وإستيعاب العديد من الكفاءات التي تهاجر الوطن لتبني أوطاناً أخرى مسلَّحة بالعلم المكلِّف لذويها.
إنَّ مثل هذه السياسة ستؤدي الى التخفيف من المستوردات كي يحلّ محلَّها الإنتاج المحلّي دون عناء البحث عن أسواق خارجية لها مع ما يترتَّب على التصدير من شروط تعجيزية لا يعرفها إلاَّ المصدِّرون، هذا التصدير الذي يتراجع سنة بعد سنة وبالرّغم من دعم تصدير منتجات زراعية بعينها لا يستفيد منها المزارعون بل قلَّة من المصدّرين لا يتعدى عددهم أصابع اليد الواحدة. لا بدّ في هذا المجال من تذكيرِكم بأنّ الدول الصناعية رفضت حتى يومنا هذا توقيع إتفاقيات التبادل التجاري الحرّ للمنتجات الزراعية والغذائية لدى منظمة التجارة العالمية ومنذ إنشائها بحجة حماية مزارعيها ومصنّعي غذاءها. وهذا ينطبق أيضاً على حماية صناعة الأدوية والإيثانول ومنتجات الحديد والإطارات وغيرها. فهذه الدول تعتمد سياسة الحماية وتفرض على الدول الفقيرة والتي في طور النّمو وشبه النامية سياسة فتح حدودها دون أيّة عراقيل جمركية أو تقنية.
أُرفق لدولتكم قرار رئيس جمهورية مصر العربية رقم 25 لعام 2016 والذي رفع فيه الرسوم الجمركية في 26/1/2016 شمل 618 صنفاً أصابَ معظمها تعرفة جمركية 40% على المستورد منها. ومصر هي أول دولة عربية إنضمّت إلى منظَّمة التجارة العالمية في 1992 وإستفادت في حينه من الإبقاء على رسوم جمركية مرتفعة للعديد من منتجاتها الصناعية والزراعية دون الحق برفعها بعد الإنضمام. وها نحن نشهد رئيس جمهورية مصر العربية يعود ليدرك مصلحة مصر ومصلحة مواطني مصر ومُنتجي مصر فيُقدم على الخطوة الجريئة التي سوف تعزِّز الإنتاج المحلّي وتحفيز الإستثمار وتخفّف من البطالة ولتذهب منظمة التجارة العالمية إلى الجحيم.
قد يقول لكم الخبراء الإقتصاديين والمحامين في وزارة الإقتصاد المعيّنين من قبل المجموعة الأوروبية أو من USAID الأميركية والذين يتقاضون رواتبهم من قبل هذه المؤسسات، بأنّ القوانين المعتمدة في لبنان والتي صدرت من مجلس النواب لا تسمح بتعديل الرسوم الجمركية. لكنّ المجلس الأعلى للجمارك هو مؤسسة تابعة لمجلس الوزراء وهي تتلقى تعليماتها منه وتنفِّذ. فهلمّ وأقدموا. عافاكم اللّه. فبفعلِكم سيُهلِّل لكم مليونَي لبناني.
وتفضلوا بقبول فائق الإحترام، المهندس موسى فريجي
صورة الى: معالي وزير الإقتصاد
معالي وزير الماليّة
معالي وزير الصناعة
معالي وزير الزراعة
معالي وزير البيئة