الموضوع: حماية القطاعات الإنتاجية
تحية وإحتراماً وبعد،
أشيرإلى إجتماع رئيسة وأعضاء مجلس أمناء جامعة أونورAUNOHR في مكتبكم.
كانت الزيارة مخصّصة للتعرُّف على إمكانية دعم الجامعة من قبل مصرف لبنان لكنّ البحث في مواجهة العنف بالطرق والمفاهيم اللاعنفية دَعَتني إلى التنبيه إلى أنّ خلق فرص عمل يجب أن تتصدّر أولويّات منع اللجوء إلى العنف أو الإنخراط في المجموعات الإرهابية. ذلك أنّالغالبية العظمى من اللبنانيين يُقيمونخارج العاصمة في الأرياف وجلّها يعتاش على الزراعة والصناعات الغذائية وبعض الصناعات الأخرى وليس على السياحة (وهي بحالة سيئة) أو الخدمات التعليمية والصحية والمصرفية وخلافه.
كان تعليقكم بأنكم تشجّعون إقتصاد المعرفة وبأنّ المشاريع التي تتمَحور حول هذا النشاط تستطيع توفير عشرة آلاف فرصة عمل. لكنّ المطلوب هو توفير خمسة وعشرين ألف فرصة عمل سنوياًوهي غير متوفِّرة في لبنان، الأمر الذي يدعو خرّيجي الجامعات والمعاهد إلى العمل في دول كالسعودية ودول الخليج العربي. ويبدو أنكم مقتنعون من فائدة هذه الهجرة التي كانت (أرجو أن تظل) تورد إلى لبنان ستة مليارات دولار أو أكثر.
رسالتي لسعادتكم هي لتوضيح الأمر من وجهة نظر العاملين في القطاعات الإنتاجية في لبنان طالما لم تسنح لي فرصة الإسترسال في ذلك أثناء إجتماعنا.
لقد إعتمد لبنان سياسة الإنفتاح الإقتصادي بصورة إندفاعية منذ 1992 وبشكل أخص منذ 1998 حينما قرّرت الحكومة تخفيض الرسوم الجمركية على مجمل الواردات عملاً بنصيحة خبراء منظمة التجارة العالمية (WTO) بغية السماح للبنان بالإنضمام لهذه المنظمة بصفة عضو دائم بدلاً من عضو مراقب. وصل معدل الرسوم الجمركية إلى ما دون الخمسة بالماية وما زلنا خارج المنظمة بسبب تعنُّت الولايات المتحدة الأميركية بوجوب تخفيض الرسوم الجمركية على بعض السلع بعينها.
نتج عن سياسة الإنفتاح أن أقفلت العديد من الصناعات كصناعة الأحذية والأدوية والألبسة وتراجعت المنتجات الزراعية والغذائية.
والذي زاد الطين بلّة أن إسترسلَ لبنان في توقيع إتفاقيات التبادل التجاري الحرّ مع عديد من الدول العربية واليورو متوسّطية والإنخراط في إتفاقية المنظمة العربية الحرّة والتي توجب إدخال المنتجات ذات المنشأ العربي (؟؟؟) بدون أي رسوم جمركية منذ 2002.
بلغ العجز التجاري اللبناني أكثر من 18 مليار دولار في 2015 وهو على إزدياد مضطرد منذ 1992 بينما نرى أن صادرات لبنان بالكاد تفوق 3,5 مليار دولار معظمها متأتٍ من القيمة المضافة على إعادة تصدير المستورد من مولدات الكهرباء والمجوهرات والسكراب وليس من إنتاج متكامل منشأُه لبنان. إنّ سياسة الإعتماد على تحويلات العاملين خارج لبنان ستُبقي لبنان في حالة الدولة المستهلِكة دون النامية Under-developed ولن يكون له القدرة على الإرتقاء إلى دولةٍ نامية أو صناعية تعتمد على سواعد أبنائها.
من هنا فإنني أهيب بكم، بصفتكم أحد صانعي السياسات الإقتصادية وعلى رأسها السياسة المالية في لبنان، بأن تُعيدوا النظر بسياسة الإنفتاح، التي مرَّ على إعتمادها 24 عاماً دون جدوى، وتستبدلوها بسياسة حمايةالإنتاج الوطني حماية جمركية وإلغاء إتفاقيات التبادل التجاري الحرّ وإتفاقية اليورو متوسطية وإتفاقية المنطقة العربية الحرّة والتوقف عن الدخول بمنظمة التجارة العالمية. إنّ مثل هذه السياسة يمكن أن تفسح بالمجال أمام إستثمارات اللبنانيين المقيمين والمغتربين وإستخدام أموال البنوك الفائضة، والتي لا مجال لإستثمارها في قطاعات أخرى كالخدمات والسياحة، في قطاعات إنتاجية صناعية وزراعية وغذائية ودوائية تحلّ محل المستورد منها وتخلق فرص عمل لا تقل عن عشرين ألفاً سنوياً.
لا بدّ من التذكير بأنّ لبنان يعتمد سياسة الحماية وحتى سياسة الإحتكار لفئات من مواطنيه أو منتجاته. فإستيراد الترابة ممنوع كما إستيراد الكابلات الكهربائية بالرّغم من وجود معملَي ترابة ومصنع للكابلات. ومِهن الهندسة والمحاماة والطب والصيدلة محميّة. وطيران الشرق الأوسط يتمتع بإحتكاريّة إلزام رسوم تذاكر السفر على كل شركة تحط أو تُقلِع من مطار بيروت. والبنوك تجني جلّ أرباحها من سندات الخزينة بفوائد لا تعرفها أوروبا ولا أميركا. فلِمَ لا تعتمد ذات السياسة تجاه القطاعات الإنتاجيّة؟
هذه إسرائيل تسعى ومنذ تأسيسها الى جلب يهود العالم من كل أقطار الدنيا كي يساهموا في بنائها في كل المجالات العلميّة والإقتصادية وهي إعتمدت سياسة الحماية الشاملة منذ تأسيسها حتى الآن إلى أن إنتقلت من حالة الإكتفاء الذاتي إلى حالة التصدير.
فلبنان لن يستطيع أن يكون مصدِّراً إلا بعد وصوله إلى الإكتفاء الذاتي لأي مادة مهما قلَّت أو زادت أهميتها.
أخذ الله بيدكم وأهداكم إلى صالح السبيل.
وتفضلوا بقبول فائق الإحترام،
رئيس مجلس النقابة النقيب المهندس موسى فريجي
صورة الى: دولة رئيس مجلس الوزراء
معالي وزير الصناعة
معالي وزير المالية
معالي وزير الإقتصاد
معالي وزير الزراعة