عجزت حكومة تصريف الأعمال من إدارة الشأن الاقتصادي في لبنان. فهي اتخذت قرارات اصابت كافة اللبنانيين على السواء، ومنها وقف الدعم عن المحروقات والطاقة الكهربائية.ورفعتقيمة تحصيل الضرائب بالليرة اللبنانية على المستوردات من كافة الأصناف والقيمة المضافة TVA، وهي عازمة على اتخاذ إجراءات مماثلة في تحصيل الضرائب والرسوم وخلافها.
نتج عن ذلك تحسين ميزان المدفوعات، لكنّه لم يصل الى مستوى سدّ العجز وخاصّة لتوفير الرواتب العادلة للقطاع العام والقيام بالإصلاحات الملحّة للبُنى التحتيّة وخلافها.
استطاع القطاع الخاص أن يتكيّف مع إجراءات الحكومة لكنه وقفَ عاجزاً عن تأمين احتياجاته من المستندات القانونية من القطاع العام تيسيراً لمعاملاته في الدوائر الحكومية المختلفة. حيث، وعند الحاجة الملحّة لأي معاملة، لجأ القطاع الخاص الى دفع مبالغ مرتفعة لتوفير ما يحتاجه. لذا، فإنّ الحكومة مسؤولة عن استفحال الفساد.
عبثاً حاولتُ أن أكتب وأنبّه، منذ سنوات عديدة، عن ضرورة توفير النقص الحاد في ميزانية الحكومة عن طريق وضع رسوم جمركيّة مرتفعة على الكماليات من سياراتٍ فخمة،ومجوهرات باهظة الثمن، وثيابٍ فاخرة وأحذية مميزة، ومشروبات كحولية وأجبان فاخرة، وألعاب الأطفال والمصنّعات الخشبية، وبعض الصناعات الأخرى المتوفّر مثيلها في لبنان،وتحصيل هذه الرسوم بالعملة الأجنبية، الأمر الذي يوفّر للخزينة مبلغاً لا يقلّعن ملياري دولار سنوياً، ممّا يؤدي الى تحفيز الاستثمار في القطاعات المحميّة جمركياً وبالتالي تخفيف الاستيراد بصورة تدريجية وتوفير فرص عمل وخاصةً لخرّيجي الجامعات بدل من هجرتهم وخدمة دول أخرى.
لا يمكن تفهّم تردّد الحكومة عن أخذ هذا الاجراء وهي التي أخذت إجراءات مماثلة دون المرور بمجلس النواب باعتبار انّ تشريعاتها هي تشريعات الضرورة.
فهل تعتبر الحكومة استقامة عمل مؤسساتها خدمة للمواطنين ضرورة ملحّة أم لا ؟ هل تعتقد الحكومة أن بإمكان إلزام القضاة وأساتذة الجامعات والمدرّسين في المدارس الرسمية وموظّفي الدولة من كلّ الطبقات العودة الى عملهم دون انصافهم بدخلٍ محترم؟ ألا تعتبر الحكومة أنّ إرضاء الجيش والقوى الأمنية بجزء ولو يسير عن طريق توفير ذلك من دول أخرى أمرٌ مهين؟
كفى الهرب من مواجهة الواقع وتعطيل ما تبقّى. على الحكومة أن تحمّل ذوي الدّخل المرتفع والمصرّين على الاستيراد ومعطلي تحويل الاقتصاد اللبناني من ريعي الى انتاجي، ما يجب أن يتحمّلوه من رسوم جمركيّة مرتفعة لسدّ العجز واحقاق الحق.