لم تكتفِ المملكة العربية السعودية بسحب مكرُمتها الخاصة بتسليح الجيش اللبناني كونها مستاءة من تدخُّل حزب الله في الحرب السورية بل أضافت إليها عقاباً آخر وهو دعوة مواطنيها لمغادرة لبنان وعدم السّماح لهم بالسفر الى لبنان. تعاطفَ مع موقع المملكة معظم دول الخليج فإنتهجوا ذات الموقف.
لم تقف العقوبة عند هذا الحد بل يبدو أنّها تعدّتها إلى إلغاء عقود العمل لبعض اللبنانيين وقد يصل الأمر الى ترحيل أعداد منهم من السعودية والعديد من دول الخليج العربي. جاء هذا التدبير بعد إمتناع جلّ رعايا السعودية ودول الخليج من قضاء إجازاتهم وخاصةً الصيفية منها في لبنان منذ 2012، الأمر الذي أثَّرَ تأثيراً بالغاً في حركة السياحة وفي المؤَسّسات السياحية اللبنانية.
بناءً عليه قد يشهد لبنان عودة كفاءَاته العاملة الى ربوع الوطن. فهل يُهيّء الوطن ذاته لإستقبالهم وتوفير فُرَص الإستثمار والعمل لهم؟ هذا هو السؤال الكبير الذي يبدو غائباً عن فكر وسياسة الحكومة. إنها في الواقع لفرصة ذهبية سانحة للبنان للنهوض بإقتصاده بدل إعتبار عودة اللبنانيين كارثة كبرى. إنها فرصة تتطلّب تشريعات إقتصادية ملائمة لإستيعاب اللبنانيين بخبراتهم ومدّخراتهم لإستثمارها في لبنان والمساهمة في نهضة إقتصادية طالَ إنتظارها.
أولى التعديلات المطلوبة على السياسة الإقتصادية هو تحسين الميزان التجاري لجهة خفض الإستيرادات طالما ثَبُت عدم قدرة لبنان الآن وفي القريب المنظور من زيادة صادراته نظراً لإرتفاع كلفة الإنتاج فيه.
خفض حجم الإستيراد يتطلّب رفع الرسوم الجمركية على كل المنتجات التي يتمّ إنتاجها في لبنان أو يمكن أن يتمّ إنتاجها لدى حمايتها حماية جمركية فاعلة.
كفانا إنتظار معجزة تحسين إقتصادنا عن طريق الإنفتاح والإنصياع إلى رغبات الدول المصدّرة بتخفيض الرسوم الجمركية لأن هذه السياسة التي إعتُمدت منذ عام 1992 حتى الآن تسبّبت بإقفال العديد من الصناعات والإنتاج الزراعي وألزمَت الكفاءات والرساميل لهجرة لبنان.
ها هم على عتبة العودة. فلنوفِّر لهم فرص الإستثمار والعمل وندعهُم يساهمون في نهضة إقتصادية ضرورية.