حضرة رئيس جمعيّة الصناعيين - الدكتور فادي الجميّل المحترم
تحيّة وبعد،
أشكركم على إهتمامكم بمُداخلتي ودراستي حول أسباب تردّي القطاعات الإنتاجية في لبنان وعلى دعوتكم للتباحُث بالأمر.
طلبتُم مني العودة للإطلاع والتمحُّص ببرنامج الراحل معالي وزير الصناعة بيار الجميّل. هذا وكنت قد لفتُّ إنتباهكم الى أنني ومباشرةً بعد صدور البرنامج في آب 2005 كتبتُ للراحل معلّقاً وزرته لإبداء رأيي الخاص بمعالجة الموضوع عن طريق رفع الرسوم الجمركيّة مجدداً على كل ما يُنتَج وما يمكن أن يُنتَج في لبنان وإعتبارها الوسيلة الوحيدة التي تحفّز الإستثمار في القطاعات الإنتاجية وتخفّض من العجز في الميزان التجاري. كان جوابه في حينه بأنّ هنالك مُمانعة قوية من قوى إقتصادية محلية وإقليمية ودَولية لِمِثل هذا التّوجُّه.
عملاً برغبتكم عدتُ ودرستُ البرنامج فوجدت أنّ الثغرات التي تمنع إطلاقة الصناعة الوطنية ما زالت كما هي وبعد مرور عشر سنوات. والدليل هو إنخفاض النسبة المئويّة للتصدير مقارنةً بحجم الإستيراد من 30% الى 20% الأمر الذي يدلّ على عدم بلوغ الغاية من البرنامج.
وجدتُ على أنّ هنالك تناقضاً بين شرح أسباب تراجع القطاعات الإنتاجية والحلول المُقترحة. فلا تجربة الأردن ولا تجربة إيرلندا صمدتا أمام المنافسات الخارجيّة فتراجع نموّ الدولتين إقتصادياً وخاصةً خلال السنوات الخمس السابقة. ولا إستطاع لبنان إستيعاب إلاّ النسبة القليلة من الدّاخِلين على سوق العمل سنوياً. هذا والمنافسة الشّرِسة التي في معظمها آتٍ من دعم الإنتاج ودعم التصدير من قِبل العديد من الدول المصدّرة الى لبنان، ناهيكم عن أسعار الطاقة والعمالة المنخفضة في العديد من هذه الدول.
إنّ الخطيئة الكبيرة في البرنامج هو إعترافُه "بأنّ الحماية ليست من الحلول المقبولة على المدى الطويل بعد أن إرتضى لبنان الإنفتاح على العالم قبل العديد من الدول الصناعية" وبأنّ اللجوء الى Safeguard Measures هو وسيلة فعالة من أجل تصويب الخلل.
لقد مرّ على البرنامج عشر سنوات ولم نرَ أية مفاعيل إيجابية له لأنّ المقترحات كانت نظريّة في مُجملِها.
إنكم تعلمون عِلم اليقين بأنّ سياسة الحماية هي سياسة تعتمدها كل الدول وخاصةً الصناعية واضعةً نصب أعينها على أمرَين هامَين:
- مستوى البطالة
- حجم التضخم
وهذه الدول تفعل كل ما هو مُناقِض لسياسة الإنفتاح كي تحافظ على نِسب منخفضة في البطالة والتضخّم.
ولبنان الذي يُقال أنه يعتنِق سياسة الإنفتاح نراه يحمي وحتى يقبل بإحتكار قطاعات عديدة ومنها إنتاج الإسمنت والكابلات الكهربائية وشركة طيران الشرق الأوسط والنقابات المِهنيّة وغيرها. فلِما لا يعتمد حماية القطاعات الإنتاجيّة تصحيحاً لِلخلل القائم والمستمر؟
يبدو أنّكم تستجيبون لِقلّة قليلة من المصدّرين وتخشون مجرّد إمكانية تأثُّر صادراتهم بإعتمادكم سياسة الحماية الجمركيّة. بينما تتجاهلون السّواد الأعظم من المُتضرّرين من سياسة الإنفتاح في لبنان وتتجاهلون العجز الكبير في الميزان التجاري ولا تُجاهرون بالإحتكارات النافذة لبعض المنتجات أو الفئات.
مع خالص التحيّة،
موسى فريجي