حضرة السيد منصوري المحترم
بعد التحية،
قرأت كتابك لزميلك وزير المالية المؤرّخ في 26/8/2023 والذي تؤكّد فيه عدم إلتزام مصرف لبنان بتوفير الأموال اللازمة لتغطية مصاريف الدولة وأنّ عليها أن تؤمّن هذه الأموال من مصادر دخلها الواجب أن تتعدّل وتتبدّل كي تفي بالمطلوب.
منذ ثلاثين عاماً وأنا أنادي بضرورة توفير دخل للحكومة لا يعتمد على الإستقراض من مصرف لبنان، وبأن يتمّتمويل مصاريف الدولة من دخلها المتعدّد الأوجه. لكن لا حياة لمن تنادي. فقد أصرّت الحكومات المتعاقبة على ملاحقة مصرف لبنان لتأمين عجزها السنوي. فما كان من المصرف المركزي إلاّ أن يستدين من المصارف بفوائد مغرية لتأمين المطلوب، وما كان من المصارف إلاّ إعتماد الـ "بونزي سكيم" لتوفير مطلب المصرف المركزي وذلك من خلال إغراء المودعين بفوائد لا يحلمون بها.
لقد أصبتَ عندما عدّدتَ مصادر الدخل الواجب على وزير المالية توفيرها ومنها تحصيل الجمارك بالعملة المستورَد بها، وتجميد العمل بإتفاقيات التبادل التجاري الحرّ، ووضع رسوم مرتفعة على الكماليات المستوردة من سيارات فخمة ومجوهرات ثمينة وثياب مرتفعة الثمن، ومواد يتمّ إنتاجها في لبنان أو يمكن أن يتمّ إنتاجها في لبنان بمجرّد حمايتها حماية جمركية فاعلة.
ففي دراسة أعددتُها منذ سنة ونيِّف، بيّنت فيها الرسوم الجمركية التي يجب أن تُفرض على معظم الـ 98 بند جمركي، فخلُصت إلى توفير مبلغ سنوي يزيد عن ثلاثة مليارات دولار شريطة تحصيل النسب المئوية بعملة الإستيراد. وهذه تكفي لتعديل رواتب القطاع العام بكامله وتفيض لغرض البنية التحتية.والرسوم المقترحة لا تؤثّر على دخل متوسّطي ومنخفِضي الدّخل بتاتاً.
أرجو أن يجد مطلبكم الصّدى اللازم لدى الحكومة ومجلس النواب متخطّين عبث أصحاب الوكالات الحصرية والتجار المستأثرين بالإستيراد وبإدارة غرف التجارة والصناعة والمجلس الاقتصادي الاجتماعي وجمعية المصارف والنافذين السياسيين، وهؤلاء جميعهم مستأثرون بإقتصاد لبنان ومسؤولون عن خرابه وعن عدم تطوّره صناعياً وزراعياً لغاياتهم الشخصية، كما وهم مسؤولون أيضاً عن هجرة الكفاءات اللبنانية.
حيّاكم الله وأخذ بيدكم على درب خلاص لبنان.