يجتهد المسؤولون في لبنان وسوريا في دراسة وإعداد الاتفاقات الخاصة بتبادل المنتجات الصناعية والزراعية . ويعكفون في جلسات متلاحقة على وضع جداول بالمنتجات المسموح باستيرادها من البلد الآخر وفي نيّتهم حماية المنتجين في البلدين .
يبقى هذا الجهد على أهميته ناقصاً كونه غير مسبوق بمشاورة الأطراف المعنية في الإنتاج وهي الجهات التي سوف يقع عليها واجب تنفيذ الاتفاقات المعقودة .
وإذا كان في سوريا بعض القطاعات المنتجة مملوكة من الدولة وبالتالي للدولة الحق في تقرير مصير هذه القطاعات ، فأن هذه الحالة لا تنطبق على القطاعات الإنتاجية صناعية كانت أم زراعية في لبنان . أي إنها بدون استثناء مملوكة من القطاع الخاص . ولطالما راجعنا وراجع غيرنا السيد رئيس مجلس الوزراء والسيد وزير الاقتصاد والصناعة والسيد وزير الزراعة مناشدينهم بضرورة إشراك أصحاب الشأن من المنتجين في كل اتفاق يبغون إبرامه مع أية دولة أو منظمة كانت حتى يأتي الاتفاق منصفاً لهم وللمستهلك اللبناني على حد سواء . لكن ذهبت مناشداتنا إدراج الرياح وأصرّ المسؤولون على إبرام اتفاقات يفرضونها فرضاً على أصحاب الشأن .
مما يزيد الطين بلّة أن تهريب المنتجات بين البلدين وبشكل أخص من سوريا إلى لبنان يجري بصورة متزايدة ومستشرية بحيث لم يعد يُعبأ بالحدود وبالجمارك . وأصبح عرض المنتجات المهربة يجري على قارعة الطريق دون محاسب أو مراقب .
من هنا نسأل السؤال البسيط والبديهي . ما هو النفع والغرض من إبرام اتفاقات لتبادل السلع الصناعية والزراعية بين البلدين طالما أن المهربين الخارجين على القانون سوف لا يعيرونها أي اهتمام ؟
وعليه فأن تصحيح الوضع الشاذ يقتضي أولاً إشراك القطاعات المنتجة في صنع قرارات اتفاقيات تبادل المنتجات الصناعية والزراعية وثانياً وضع حد جذري للتهريب حتى يمكن تنفيذ الاتفاقيات بصورة شرعية .
أن تدابير كهذه وحدها ستعيد ثقة المنتجين للمضي بإنتاجهم وتفتح باب الاستثمار الذي نحن بأشد الحاجة إليه .