مأساة الصناعات الغذائية في لبنان 

April 13, 2006 Musa Freiji Articles

ظلت الصناعات الغذائية في لبنان ولعقود عديدة مضت أهم صناعة لبنانية على الإطلاق. لكنها ومنذ منتصف التسعينات من القرن الماضي وهي تتراجع تراجعاً حاداً إلى أن أصبحت تمثل ما يقل عن نصف حجمها وهي لم تعد ركناً أساسياً للأمن الغذائي كما يجب أن تكون .

أما أسباب هذا التقهقر فهي الانفتاح وتوقيع اتفاقات التبادل التجاري الحر مع دول عديدة كلفتها أقل ناهيك عن الدعم التي تتلقاه من حكومتها .

لم تكن في يوم من الأيام مواصفات الصناعات الغذائية في لبنان غير مطابقة لمواصفات الدول المستوردة أو للمواصفات العالمية إلاّ في حالات نادرة جداً . وعليه فقد تمتعت وما زالت تتمتع بسمعة جيدة كما أن ما تبقّى من المنتجين اللبنانيين ما فتئوا يحاولون تحديث منشآتهم لتحسين النوعية والحصول على الشهادات المؤكدة لذلك .

الجدير ذكره أن كلفة الإنتاج المرتفعة في لبنان تعود أصلاً إلى ارتفاع قيمة الطاقة مقارنةً مع الدول العربية الأخرى وخاصةً دول الخليج ومصر وإلى ممارسات الدولة في تحديد أسعار مرتفعة للكهرباء والحد الأدنى للأجور والرسوم الجمركية على مدخلات الإنتاج ورسوم القيمة المضافة والرشوة وجميعها تكوّن عناصر أساسية في كلفة الإنتاج وتجعل بالتالي كلفة المنتجات الغذائية اللبنانية أعلى منها في دول عربية وغير عربية .

من هنا فإن توقيع الحكومة اللبنانية لاتفاقات التبادل التجاري الحر وضعت الصناعات الغذائية اللبنانية في مواجهة غير متكافئة مع المصادر الأقل كلفة فغزت الأخيرة الأسواق اللبنانية بعد أن كانت الأولى قد فقدت معظم أسواق تصديرها التقليدية بسبب ارتفاع الكلفة  .

يستورد لبنان مصنّعات غذائية تفوق قيمتها 1.5 مليار دولار سنوياً بينما تدنت صادراته منها إلى 250 مليون دولار . هذا يعني أن أي تعزيز للصناعات الغذائية في لبنان لن يحصل إلاّ بحماية هذه الصناعات حماية جمركية فاعلة وبالتالي إلغاء كل اتفاقات التبادل التجاري الحر أو تعديلها كي تحل الصناعات اللبنانية محل المستورد في توفير الغذاء للبنانيين .

هكذا فقط نرى إمكانية النهوض بالصناعات الغذائية اللبنانية حتى ولو كان ذلك على حساب التصدير الهزيل المدعوم .