لفتني من تعليقات الإقتصاديين اللبنانيين عن حالة الإقتصاد اللبناني خلال عام 2016 تفصيلان هامان أحدهما للخبير جمال القعقور والثاني للخبير ألفونس ديب. وفي رأيي أهم ما جاء بهما هو التالي:
أولاً: "تصحيح الخلل الذي يشير إلى أنّ السياسة الماليّة والضريبيّة التي إعتُمدت في لبنان منذ العام 1993، لا تتمتع بالمواصفات العالمية التي تشكل معايير وأسس الإقتصاد الناجح".
ثانياً: "تعثر المصانع جراء إرتفاع التكاليف الإنتاجية التشغيلية وضيق السوق الداخلية جراء تراجع القدرة الشرائية للّبنانيين ومنافسة المصانع غير الشرعية التي أنشأها النازحون وتراجع الصادرات والتي تدنّت 16,5% عن عام 2015 والتي تدنّت بدورها 6,2% عن عام 2014".
ثالثاً: "شهدت الإستثمارات الداخلية إنكماشاً كبيراً ووصلت الإستثمارات الخارجية الى حدود الصفر مع إنعدام الثقة بمناخ الإستثمار في لبنان".
رابعاً: "على المستوى الإجتماعي إنخفضت القدرة الشرائية وتقلّصت فرص العمل الى أقل من ثلاثة آلاف فرصة سنوياً بينما الوافدين لسوق العمل يناهز الثلاثين ألف شخص فضلاً عن إرتفاع عدد اللبنانيين الذين يعيشون تحت خط الفقر الى أكثر من مليون وأربعماية ألف مواطن". إنطلاقاً من هذه الإحصاءات يمكنني القول بأنّ وسائل التحسين تنحصر في أمرَين مهمّين للغاية:
الأمر الأول هو مكافحة الفساد على كافة الصعد وبطريقة جريئة لا لِبس فيها والبدء بإحالة كل فاسد الى القضاء مهما علا شأنه ومهما كان مدعوماً من جهات سياسية فاعلة.
الأمر الثاني هو تحفيز الإستثمار في القطاعات الإنتاجية زراعية كانت أم صناعية عن طريق وضع حماية جمركية فاعلة لكلّ ما ينتج أو يمكن إنتاجه في لبنان كي يحلّ الإنتاج الوطني محل جزء يسير من المستورد وبالتالي تخفيف العجز التجاري الذي زاد عن 18 مليار دولار سنوياً بمعدل ثلاثة مليارات سنوياً.
إنّ مثل هذين الإجرائين يؤدي الى إستيعاب الكفاءات اللبنانية التي لا تجد لها عملاً في لبنان بصورة تدريجية على مدى خمس سنوات وهي المشكلة الأكبر على صعيد الوطن وتصحيح الخلل المُستفحِل في البُنية الإقتصادية اللبنانية جراء إعتماد الإنفتاح وسلوك العولمة المتوحشة منذ 1993 حتى الآن.