مع أنّ صناعة الدواجن في السودان بدأت منذ العقد الأخير من القرن الماضي لكنّ إنطلاقتها الحقيقية ظهرت منذ 2005. فتطوّرت بخُطى سريعة خاصةً بعد دخول مشاريع تربية أمات البيّاض والتسمين بشكلٍ واسع وبالتالي حلَّ الإنتاج المحلّي محل المُستورَد من كتاكيت تجاريّة عمر يوم لإنتاج بيض المائدة أو للتسمين. إنّها لظاهرة إقتصادية جديرة بالتقدير خاصةً وأنّ معظم المشاريع التي قامت منذ 2005 حتى الآن هي مشاريع حديثة من حيث البناء والمعدّات وأنظمة التهوئة والتبريد والتدفئة.
أضِف الى ذلك إنشاء أول مشروع لجدود التسمين، الأمر الذي وفَّر إستيراد حوالي 750,000 أم تسمين سنوياً بنوعية عالية وبسعر إقتصادي. لم تنجُ صناعة الدواجن من عثرات كبيرة خلال نشأتها وتطوّرها. فهي واجهت نفوقاً كبيراً وإنتاجيّة متدنّية في الحظائر المفتوحة غير المعزولة وغير المُبرّدة لأكثر من 15 عاماً.
لكنّ المشاريع الجديدة والحديثة حلّت محلّها أو ألزمَت أصحابها الى عزل وإقفال هذه الحظائر وتزويدها بمعدّات التهوئة والتبريد.
تعرّضت الدواجن في السودان الى إنفلونزا الطيور عالي الضراوة في 2007 وأصاب معظم القطعان المُربّاة في مزارع عشوائيّة الأمر الذي ألزمَ السُّلطات البيطريّة على السماح بإستخدام لقاح الإنفلونزا لمدّة سنتَين ريثما هدأت موجة إنتشار المرض.
يأتي في طليعة العوامل التي ساهمت في سرعة إنتشار تربية الدواجن إرتفاع سعر اللّحم الأحمر إرتفاعاً كبيراً وإنخفاض سعر لحم الدواجن بالمقارنة، ناهيكم عن إستحسان المستهلك ورغبته بالإقبال على لحم الدواجن. تعاني صناعة الدواجن في الوقت الحاضر من غياب التشريعات التي تؤمّن سلامتها وإستمراريّتها.
كان من الواجب أن تكون التشريعات اللاّزمة جاهزة ومعمولٌ بها بحَزم منذ بدء إنتشار الصناعة بحيث تتوسّع وتنتشر على أُسُس سليمة تضمن إستمراريّتها بعيداً عن المفاجآت المَرضيّة أو الإقتصادية. وفي كل الأحوال لا بدّ من تعداد أهمّ هذه التشريعات والقوانين التي تضمن حُسن أداء هذه الصناعة وتأثيرها على الإقتصاد القَومي السوداني:
وفي هذا الخصوص يجب التفريق في الأبعاد الوقائية بين فئات الدواجن نسبةً لأهمّيتها الإقتصادية. وأنصح بأن تكون 25 كيلومتراً بين أي مشروع للجدود وأي مزرعة أخرى، وخمسة عشر كيلومتراً بين أي مشروع أمات للبيض أو التسمين وأي مزرعة أخرى، وعشرة كيلومترات بين أي مشروع لإنتاج البيض وأي مزرعة أخرى، وخمسة كيلومترات بين أي مشروع لإنتاج التسمين وأي مزرعة أخرى. أمّا بخصوص المجمّعات المَملوكة من الشركات الكبيرة فيجب أن تبعُد المزرعة الواحدة ضمن المجمّع عن الأخرى كيلومتر واحد كحدّ أدنى على أن تكون تربية الدواجن في المجمّع من نوعٍ واحد أي إمّا جدود أو أمات أو بيّاض أو تسمين وليس الخلط بين هذه الفئات.