بصفتي مستثمراً في ست دول عربية، جاءتني دعوة من معالي وزير الخارجية لحضور مؤتمر المغتربين في أوائل شهر أيار من هذا العام في بيروت.
قرأت الدعوة وإذ بها تشيد بقرار مجلس الوزراء لإستعادة الجنسية للّبنانيين الذين فقدوها أو هم أهملوا المطالبة بها. لكنّها تدعوهم في الوقت عينه إلى التكاتُف للإستثمار في دول أوراسيا وأفريقيا وأستراليا وغيرها. صُدِمتُ لهذا الهدف من أهداف المؤتمر وكأنّ المغتربين تنقصهم روح المغامرة وهم ومنذ مطلعِ القرن الماضي لم يتركوا زاوية من زوايا الكرة الأرضية إلاّ وذهبوا إليها وغامروا بحياتهم أحياناً طلباً للعمل والإستثمار. فلا حاجة لمؤتمر يجمعهم لهذا الغرض وهم أدرى وأعلم في هذا المجال.
لكنّ المهم هو أنّ الدعوة وجدول أعمال المؤتمر أهملا التركيز على حثّ المغتربين للإستثمار في لبنان. وكأني بالدّاعينإمّا يائسون من جدوى هذا التوجُّه أو أنهم معتنقون فكرة أنّ لبنان بلد سياحة وخدمات وليس بلد إنتاج. إنها مصيبة لبنان الإقتصادية الحقيقية.إنّ الطبقة الحاكمة كلّها جاهلة جهلاً كاملاً للشأن الإقتصادي ومتواطئة مع الدول الغربية والعربية لإبقاء لبنان بلداً مستهلِكاً ضعيفاً يُنتج أجيالاً متعلِّمة لا تجد لها عملاً فيه، فتتوجّه للهجرة والمساهمة في إعمار الدول العربية والغربية. يبدو أنّ الطبقة الحاكمة مُستكينة لِحصر المُنتفعين من سياسة الإنفتاح على حساب الدّين العام المُتراكم والمتزايد.
كان حريٌّ بمؤتمر المغتربين أن يركّزإهتمامه على ترغيب المغتربين للعودة إلى الوطن بخبراتهم ومدخراتهم للإستثمار في القطاعات الواعدة وأهمها القطاعات الإنتاجية في ظل التخمة في الإستثمار في القطاعات السياحية والخدماتية والسكنية. كان حريٌّ بالمُعِدّين لهذا المؤتمر مطالبة الحكومة بتعديل التشريعات الإنفتاحية والقوانين السارية كي تحفِّز المغتربين للقيام بهذا الدور.