منذ توليكم رئاسة الجمهورية وأنتم تردّدون حرصكم على محاربة الفساد وملاحقة الفاسدين. لكن شيئاً من ذلك لم يتحقق بعد مرور ثلاث سنوات على تبوُّئكم سدّة رئاسة الجمهورية.
عايشتم شلة من النواب والوزراء ورئيس للوزراء وإطلعتم على سلوكهم وإنجازاتهم وشاهدتم تراجع الإقتصاد وفشل السياسات المعتمدة. أنشأتم أول وزارة لمكافحة الفساد وإذ بها تفشل في ملاحقة فاسدٍ واحد. إجتمعتم بحاكم مصرف لبنان في مطلع كل أسبوع تقريباً. كان يطمئنكم على ثبات سعر صرف الليرة اللبنانية أمام الدولار الأميركي وكان هذا المؤشر هو الوحيد الذي يطمئنكم على أنّ لبنان بألف خير بينما تراكُم العجز المالي فاق الماية مليون دولار بإعتماد سياسة نقدية إنتحارية وسياسة إقتصادية مدمِّرة للإقتصاد الوطني. لم يُطلعكم حاكم مصرف لبنان عن دوره في العبث بأموال المودعين في البنوك اللبنانية بإساءة إستخدامها من قروض سكنية مشبوهة إلى قروض خاصة بالمصارف مشبوهة أيضاً إلى التوصية بعدم إعتماد حماية الإنتاج الوطني من صناعة وزراعة حماية جمركية تحفيزاً للإستثمار وخلق فرص عمل.
منذ إنطلاقة الحركة الإحتجاجية المحقة والعناوين الأهم للمتظاهرين كانت المطالبة بفرص عمل وبعدم الهجرة والغلاء وبفقدان العدالة وبإنهيار قيمة العملة اللبنانية أمام الدولار وبإدارة الشأن العام إدارة سيئة للغاية وبتفشّي إستغلال الوظائف العامة لمكتسبات شخصية ورشاوى دون خجل.
طالب المتظاهرون المنتشرون في كل المحافظات والأقضية بذات المطالب دون تنسيق بينهم لأنهم جميعاً يعانون من كل مساوئ إدارة البلاد على يد طغمة من رئيس للوزراء ومعظم الوزراء عن جهل أو سوء نيّة لا فرق.
يبدو من إطلالاتكم ومخاطبة شعب لبنان العظيم على أنكم مُستكينون لمحدودية صلاحياتكم كرئيس للجمهورية بموجب دستور الطائف وبعدم رغبتكم بتحدي النظام الفاشل القائم على المحاصصة وبالتالي عدم الإستجابة لمطالب المتظاهرين المقهورين المُعدمين وكأنهم ليسوا شعب لبنان بل قلّة مهووسة أو مدسوسة.
إعتبرتم إستقالة الحريري دون التنسيق معكم تحدٍ لكم لا إستجابة لمطالب المتظاهرين. وهذا قد يكون صحيحاً. لكن كان الأجدى بكم أن تستغلوا هذا التحدّي وتستوعبوا غضب الشارع وتتبنّوه فتضربوا بيدٍ من حديد وتطالبوا مجلس النواب أن يرشِّح شخصية مستقلة غير حزبية مشهود لها بعلمها وخبراتها السياسية والإدارية لترأس الوزارة الجديدة.
كان عليكم التنسيق والمونة على التيار الوطني الحرّ وحزب الله والأحزاب الأخرى بأن يقبلوا بهذا التوجّه حتى لا تتعثر تأليف الوزارة الجديدة. كان عليكم الإيحاء للمتظاهرين بأن يواصلوا تظاهراتهم ويساندوا مطلبكم الذي هو مطلبهم حتى تنصاع القوى السياسية لهذا المطلب. عندها تتولّون مع الرئيس المرشّح تأليف حكومة من أخصائيين ضليعين كل في شؤون وزارته غير حزبي.
ومن أجل التشريع في إنجازات الحكومة المستقلة لا بدّ لمجلس النواب أن يماشي التفاهمات التي تمّت وأوصلت الحكومة الجديدة إلى الوجود ويقرّ بعض القوانين الملحة ومنها قانون إستعادة الأموال المنهوبة وقانون مكافحة الفساد وقانون رفع السرية المصرفية عن كل الوزراء والمسؤولين في الوزرات منذ عام 1992 وغيرها. كما على المجلس وبإصراركم وبحنكتكم أن يقبل إعطاء مجلس الوزراء حق التشريع في العديد من الأمور وخاصة المالية والإقتصادية كي يستطيع الإسراع في إنقاذ البلد من الإنهيار والفوضى.
هكذا تكونون يا فخامة الرئيس قد إستفدتم من إنتفاضة الجماهير وعزّزتم مكانتكم في إدارة شؤون البلاد وتخطيتم عراقيل ومناكفات الأحزاب والقوى السياسية من أجل لبنان واللبنانيين جميعاً دون إستثناء ودخلتم بذلك التاريخ على أنكم رئيس منقذ وحكيم وكرّستم الإستقلال الحقيقي في عيد الإستقلال.
المهندس موسى فريجي
03-612502
mfreiji@tanmia.com.lb
www.musafreiji.com
21/11/2019