إلى السيدات والسادة في مجلس أمناء إتحاد قوى التغيير الكرام،
في الدفاع عن حكومة ظلّ
بعد غياب عدت، لكنّ العودة لم تكن أحمد...
طغى على الإستفتاء، إن صحَ التعبير، ما يتردّد منذ إنتفاضة 17 تشرين الأول 2019، "كلّن يعني كلن"، "لا أمل في التعاطي مع أي حكومة قائمة"، "ضرورة تأليف حكومة إنتقالية تستلم السلطة مؤلفة من غير الحزبيين والطائفيين"، "الشعب مصدر السلطات"، "لا بدّ من إسقاط النظام"... إلخ
هذه شعارات عظيمة ومحقّة لكنها غير واقعية بدليل فشل كل القوى التي نزلت إلى الساحات في غضون 14 شهراً دون جدوى، وذلك للأسباب التالية:
1. القوى الحاكمة فاسدة حتى العظم. لكنها تعرف كيف تحافظ على مركزها بالفساد عينه. والفساد الضامن لديمومتها هم الناس المفسَدين المنتفِعين وعددهم لا يقلّ عن ربع الشعب اللبناني. أساليبهم في التصدي لقوى التغيير دنيئة وشرسة وبالتالي محبطة، وهذا ما حصل.
2. القوى الحاكمة تستند إلى الدستور غير المطبّق بأكمله وإلى النظام العام وإلى نتائج الإنتخابات وإلى مبدأ المحاصصة والتوازن الطائفي وحقوق هذه الطوائف والتشبّث بكل هذه المعطيات.
3. القوى الحاكمة قابضة على ثروات، منها إحتكارات، ومنها أملاك دولة، ومنها معابر غير شرعية، ومنها محاصصة في الإستيراد والتلزيمات والهبات والتهرّب الضريبي وغيرها الكثير. كل هذه المميزات، والتي عن طريقها تطوّع الأتباع وتستعبدهم، قادرة على الإستمرار في القبض على كل مفاصل الدولة وقادرة على صدّ أي تغيير.
4. الإنقلاب العسكري، والذي لجأت إليه معظم ثورات العالم للتغيير الفوري وزج الفاسدين في السجون، عصِيٌّ في لبنان بسبب الخوف من إنفراط الجيش وفشل المحاولة ذلك لأنّ الطائفية ما زالت أقوى من المواطنة والتقوقع الطائفي مازال القاعدة.
من هنا أرى أن التغيير لن يكون ثورياً. فالأحرى به أن يكون واقعياً سلمياً يعتمد على التثقيف والإرشاد واستخدام الإعلام ووسائل التواصل الإجتماعي للوصول إلى تغيير يبدأ بإنتخاب نوّاب مستقلّين وبالتالي إلى حكومة مستقلة وحُكم رشيد. وهذا يتطلّب صبراً ومثابرة وتضحياتٍ جمّة.
وحتى يكون لهذا الهدف وسيلته العمليّة للتحقيق، فإن حكومة الظلّ هي الوسيلة الأفضل ولو هادنت الحكومات "الشرعية!!" لكنها تواكبها بإقتراحات عملية تصحيحية وتبرز معطياتها إعلاميّاً وبقوة وتكوِّن حولها جمهور مسالم يدعم مواقفها ومشاريعها. حكومة الظلّ لا تنبثق من حزب فشل في الوصول إلى الحكومة المنتخبة كما يحصل مثلاً في إنكلترا، لكن تشبهه بحكم الأمر الواقع. إنها البديل لممثلين عن قوى التغيير المبعثرين غير القادرين على الإتحاد وتأليف ممثلين عنهم.