في خضم التجاذب الحاصل حول أسعار الدواجن في الأسواق المصرية وتقلّباتها تبعاً لعوامل عديدة سنأتي على ذكرهالاحقاً، وفي غمرة الإقتراحات ومشاريع القرارات المتداولة، أصبح لزاماً الغوص في عمق التحديات التي تواجه هذه الصناعة التي مرّ على نشأتها في مصر ستة عقود.
العوامل التي أدّت إلى تراجع الصناعة
ظلّت صناعة الدواجن في مصر تواكب الطلب المحلّي بأسعار مناسبة للمستهلك طيلة الفترة ما بين 1965 و 2006 وهي وفّرت الإحتياجات المحلية من بيض المائدة ولحم الدواجن للمستهلكين دون إنقطاع وغطّت العجز الحاصل في توفير البروتين الحيواني بأقل الأسعار،كل ذلك في ظل حماية جمركية فاعلة منعت إستيراد لحوم الدواجن من مصادر أقل كلفة أو مدعومة من مصدرها. في مطلع عام 2006 ضربت إنفلونزا الطيور شديد الضراوة مزارع الدواجن في مصر ضربةً موجعة حصدت 60% من الطيور في كافة المحافظات، الأمر الذي أدّى الى إنخفاض المعروض منلحوم الدواجن وألزم الحكومة المصرية في حينه على فتح باب الإستيراد وإلغاء الرسوم الجمركية. وبالرغم من إعتماد تحصين الطيور في المزارع ضد إنفلونزا الطيور إنما أدّت عشوائية التربية وقُرب المداجن من بعضها وعدم إعتماد إجراءات الأمن الحيوي إلى إستمرار تفشّي هذا المرض حتى يومنا هذا، ممّا أفقد قدرة مصر على تصدير بيض التفريخ والكتاكيت عمر يوم وأبقى على إستيراد لحم الدواجن من مصادر أقل كلفة برسم جمركي منخفض.
الحلول المقترحة
عبثاً حاولتُطيلة 10 سنواتحثّ وزراء الزراعة المتعاقبين على ضرورة إعتماد حلول متكاملة لإنقاذ صناعة الدواجن دون جدوى. ويأتي في طليعة الحلول المتكاملة المقترحة:
أ. إلزام نقل المداجن من المناطق السكنية إلى الظهير الصحراوي في مهلة لا تتعدى خمس سنوات، على أن تُعطى المداجن الحالية فرصة الإنتقال التدريجي خاصةً وأنّ معظمها يقع على أراضي صالحة للبناء السكني العالي القيمة والتي في حالة بيعها تستطيع تمويل المداجن الجديدة في الظهير الصحراوي.
ب. إعتماد الحد الأدنى للمسافات الوقائية بين النشاطات الداجنة المختلفة والتي تخفِّف من إمكانية نقل العدوى بينها.
ج. إلزام إشتراطات الأمن الحيوي على المزارع والمجازر الجديدة إبتداءً من تصاميم البناء والأسوار مروراً بإعتماد العمر الواحد للفوج الواحد في المزرعة الواحدة في أي وقت والإمتناع عن إستخدام لقاحات إنفلونزا الطيور، كل ذلك تحت طائلة إقفال المزارع أو النشاطات المخالفة. د. وضع رسوم جمركية على المستورَد من لحوم الدواجن لا تقلّ عن 1,500 دولار عن كل طن حمايةً للإنتاج المحلي وتحفيزاً للإستثمار في المشاريع الجديدة في الظهير الصحراوي.
إنتاج أعلاف الدواجن
أمّا في شأن توفير المواد العلفية للدواجن فإنه يستحيل إنتاجها بسعر أقل من المستورد منها بسبب دعم إنتاج هذه المواد في منشأِها كالولايات المتحدة الأميركية وأوروبا وبسبب قلة كلفة إنتاجها في بلدان كالأرجنتين وأوكرانيا وغيرها اللّهم إلّا إذا قررت الحكومة إنتاج هذه المحاصيل محلياً وذلك يتطلّب إمّا حماية جمركية فاعلة على المستورَد منها أو دعم الإنتاج دعماً مؤثراً يوصل سعرها أقل من سعر المستورَد.