تطوّر تصميم حظائر الدواجن وتصميم المزارع منذ 70 عاماً تطوراً كبيراً في كل أنحاء العالم. وغالباً ما كان التصميم يتماشى والتقلّبات المناخيّة وكذلك المستوى الإقتصادي للمزارعين في كل بلد على حده. ومع إرتفاع الطلب على بيض المائدة ولحم الدواجن في كل أنحاء العالم بمعدّل خمسة بالماية سنوياً تطوّرت تصاميم حظائر الدواجن كما تطوّرت المعدّات المستخدمة كي تساهم في تخفيض تكاليف إنتاج الوحدة المُنتجة.
تختلف شروط التراخيص لإنشاء مزارع الدواجن من بلدٍ الى آخر إختلافاً كبيراً.
ففي البلدان ذات المساحة القليلة والكثافة المرتفعة للسكان غالباً ما تكون إشتراطات التراخيص أكثر صعوبة بينما نرى سهولة أكبر في إعطاء التراخيص في البلدان ذات المساحات الكبيرة والكثافة السكانية المتدنّية. وفي جميع الحالات فالإتجاه الغالب هو البُعد عن المناطق السكنيّة مسافاتٍ تأخذ بعين الإعتبار النمو والإنتشار السكني. كما أخذت معظم الدول إعتماد مدة زمنيّة محدّدة للترخيص يُجدّد أو لا يُجدّد تبعاً للتطوّر في إنتشار المساكن وقربها من المداجن. ومع إستحداث وزارات خاصة بالبيئة أخذنا نرى دخول هذه الوزارات على خط توفير التراخيص أو الموافقة عليها تبعاً لإشتراطات بيئية محدّدة الأمر الذي زاد من صعوبة الحصول على هكذا تراخيص.
إختيار موقع إنشاء المزرعة إن إختيار موقع إنشاء المزرعة مرتبط بشكلٍ أساسي بالشروط التي تضعها الجهات المختصة في كل بلد. ففي معظم الدول العربية تضع وزارات الزراعة هذه الشروط بالتنسيق مع الوزارات الأخرى. أمّا في لبنان فإنّ شروط إختيار الموقع ظلّت لعقود تضعها المديريّة العامة للتنظيم المُدني ويتمّ تنفيذها على يد فروع وزارة الصحة لدى المحافظة المعنيّة. تتضمّن الشروط عدة بنود على الموقع المختار أن يتطابق معها، تشمل الحد الأدنى للبُعد عن أقرب مسكن مُرخص أو غير مُرخص، البُعد عن الينابيع والأنهر والبحيرات وعن المعالم السياحيّة والأثريّة وعن الطرقات العامة وخاصةً الأوتوسترادات، إلخ.
لقد أصبح ضرورياً أن تَدخل وزارة الزراعة على خط الموافقة على إنشاء مزرعة للدواجن إضافةً لمديرية التنظيم المُدني والمحافظة بحيث تُدخل إشتراطات الأبعاد الدنيا بين المزارع وكذلك إشتراطات الأمن الحيوي المرتبطة بهيكليّة البناء ونوع الأبنية الملحقة ونوعيّة السور الواقي، إلخ. أمّا متطلّبات صاحب المزرعة لإختيار الموقع فيجب أن تتضمّن مساحة الأرض نسبةً لحجم المشروع وبالتالي لعدد الحظائر الواجب بناؤها وطول الحظيرة وعرضها وإتجاه هذه الحظائر وبُعد الحظائر عن بعضها وما إذا كانت من طابق (دور) واحد أو عدة طوابق (أدوار) وغيرها. بناءً عليه يجب على صاحب المشروع لدى إختياره موقعاً مُعيّناً أن يستشير خبيراً في هذا الشأن قبل شراء الأرض كي يرسم خريطة الحظائر على الأرض المختارة مع الملحقات من مساكن للعمال ومخازن ومكتب وغرفة لمولّدات الكهرباء وخزان ماء أرضي وعُلوي وسور محكم يحيط الأرض بكاملها عدا مدخل للشاحنات وآخر لغرفة الإستحمام وتغيير الملابس.
الأبعاد الوقائية بين مزارع الدواجن كانت مصر سبّاقة بين الدول العربيّة في تحديد الأبعاد الوقائية بين مزارع الدواجن. أتى هذا التطوّر إثر إلحاحي لدى وزارة الزراعة بإستحداث هذا القرار خاصةً بعد إنتشار وباء إنفلونزا الطيور. ينطبق القرار الذي صدر عام 2006 تحت رقم 560 على التراخيص الجديدة.
أمّا في لبنان فلم تتطرّق وزارة الزراعة الى هذا الموضوع البتة، الأمر الذي جعل كثير من أصحاب المزارع يبنون مزارع مُتقاربة جداً من بعضها البعض خاصةً خلال الفترة من 1957 وحتى 1990. أمّا بعد هذا التاريخ فإنّ المزارعين ونتيجةً لوعيهم عن أهمّية الإبتعاد عن مزارع قائمة أخذوا يسعون الى إختيار مواقع تبعد عنها. كما أنّ الأبعاد التي فرضتها مديريّة التنظيم المُدني حدّت من قُرب المزرعة عن الأخرى بما يزيد عن كيلومتر واحد. إنّني من دُعاة صدور قرار ملزم عن وزارة الزراعة يحدّد الأبعاد الدنيا بين مزارع الدواجن تبعاً لإختصاص هذه المزارع. وأقترح في هذا الصدد الأبعاد الدنيا التالية:
على أن تكون الأسبقية في تحديد المسافة الدنيا هي المزرعة المرخّصة أولاً وهي التي تحدّد البُعد عن المزرعة المطلوب الترخيص بإنشائها.
إشتراطات الأمن الحيوي Biosecurity في الإنشاء
مع أنّ البُعد الوقائي بين المزارع يشكل عاملاً مهماً في التخفيف من إنتقال الأمراض، لكنّ البنية السليمة لكل مزرعة وهيكليّة البناء تشكّل عاملاً أهمّ. فهذه الإشتراطات تتضمّن:
الحظائر المفتوحة وتهوئتها في المناطق المعتدلة الطقس أي حيث لا تنخفض حرارة الفصل البارد عن 15 درجة مئوية ولا تزيد في الفصل الحار عن 30 درجة مئوية تنتشر تربية الدواجن في حظائر مفتوحة وتعتمد التهوئة الطبيعية. لكنّ التهوئة الجيّدة التي تمنع تراكم الرطوبة في الحظيرة وتساعد على تجفيف الفرشة تتطلّب سرعة حركة الهواء من جهة لأخرى بعرض الحظيرة لا تقل عن متر واحد بالثانية. من هنا يتوجّب ألاّ يزيد عرض الحظيرة عن 15 متراً ومن المستحسن أن يكون 12 متراً فقط. كما يجب أن يكون توجّه طول الحظيرة من الشرق الى الغرب وذلك للحد من دخول أشعة الشمس الى داخل الحظيرة وخاصةً في الفصل الحار. من المستحسن أيضاً أن يتمّ عزل سقف الحظيرة بمادة عازلة ملتصقة أو منفصلة عنه لا تقل عن 7 سنتم من مادتي البولستايرين أو الصوف الزجاجي وعن 5 سنتم من مادة البولييوريثان سواء كان السطح إسمنتياً أو من الحديد المجلفن.
أمّا بُعد الحظيرة عن الأخرى فيجب الاّ يقل عن عرض الحظيرة ذاتها وتكون الحظائر متوازية تماماً. من المستحسن أن يكون الباع بين الجدران خالياً من الدعائم على طول الحظيرة وذلك لتسهيل تركيب المعدّات وتسهيل حركة الطيور وتنظيف الحظيرة بين الأفواج. ينطبق ذلك بسهولة على العنابر ذات الأسطح الحديدية. أمّا العنابر ذات الأسطح الإسمنتية وخاصةً تلك المؤلّف بناؤها من عدة أدوار فقد يرى المهندس المدني ضرورة وجود ركائز متباعدة في وسط الباع تخفيفاً لتكاليف السطوح ومنعاً لوجود جسور منخفضة متكرّرة في الحظيرة. من المفضّل ألاّ تزيد كثافة الطيور في الحظائر المفتوحة ذات التهوئة الطبيعية عن 24 كيلو من طيور التسمين و 16 كيلو للدجاج البيّاض والأمات بالمتر المربّع.
الحظائر المقفلة وتهوئتها يُشار الى الحظائر المقفلة على أنّها تلك التي تعتمد التهوئة بواسطة المراوح الشافطة على طول الحظيرة سواء كانت جدرانها مقفلة تماماً أو شبابيكها مزوّدة ببرادٍ لفتحها عند إعتماد التهوئة الطبيعية في الأوقات التي تكون فيها الحرارة معتدلة وسرعة الهواء كافية لتهوئة الحظيرة. نظراً الى التحكّم بسرعة الهواء وبالتالي توفير التهوئة اللازمة للحظائر المقفلة فإنّ السرعة القصوى الواجب إعتمادها هي مترين بالثانية وبالتالي يمكن زيادة كثافة الطيور بالمتر المربّع الى 40 كيلو لطيور التسمين و 22 كيلو للدجاج البيّاض وللأمات. وعدد المراوح أو طاقتها للوصول الى سرعة شفط هواء مترين بالثانية يعتمد على مساحة مقطع الحظيرة وليس على كثافة الطيور أو وزنها ولا على طول الحظيرة. من هنا وتخفيفاً لعدد المراوح الواجب تركيبها على مساحة مقطع الحظيرة أن يكون بالحد الأدنى أي بأقل إرتفاع للسقف ممكن والذي يتحكّم في حدّه الأدنى المعدّات الواجب تركيبها وتعليقها بالسقف ورفعها عند تفريغ الحظيرة من الطيور. والقاعدة المتّبعة لمعرفة حجم الهواء الواجب تحريكه أو شفطه في حدّه الأقصى هي:
عرض الحظيرة (متر) x معدل إرتفاع السقف (متر) x 2 (متر) x 60 ثانية x 60 دقيقة = حجم الهواء الواجب شفطه بالساعة الواحدة بالمتر المكعب. وهذا الرقم يقسّم على طاقة المروحة الواحدة المعتمدة بالأمتار المكعبة بالساعة للوصول الى عدد المراوح الواجب تركيبها في الحظيرة. أمّا مساحة خلايا التبريد الواجب تركيبها في الجهة المقابلة طولاً للجهة التي يتمّ تركيب المراوح بها فتُحسب على أساس سرعة الهواء المطلوبة لمروره من خلال خلايا التبريد كي يُحدث تبخّر الماء اللازم وبالتالي تبريد الحظيرة. وفي معظم الحالات تعتمد سرعة 1,5 م. بالثانية وهي السرعة الوسطى بين 2 و 1 م. بالثانية. وعليه فإنّ حجم الهواء الأقصى المطلوب بالمتر المكعب تُقسّم على (1,5 متر x 60 ثانية x 60 دقيقة) = مساحة خلايا التبريد بالمتر المربّع. من الواجب التأكد من أنّ الحظيرة ذات التهوئة الإصطناعيّة هي مقفلة تماماً بحيث لا يتسرّب أي هواء من المسافة بين الجدران والسقف أو من فوق الستائر أو من الأبواب أو من النوافذ الطوارئية وإلاّ فإنّ كفاءة التهوئة والتبريد تنخفض.
المعدّات وأبعاد الحظائر ما زال عديد من المزارعين وخاصةً في البلدان أو المناطق التي تتمتع بطقس معتدل كما أسلفنا وتتمتع بأجور عمالة منخفض تعتمد على إستخدام معدّات يدويّة أي معالف ومشارب ومبايض. وفي الغالب تكون هذه الحظائر مفتوحة غير مغلقة وكثافة الطيور فيها متدنّية. في هذه الحالة يكون التعليف يدوياً وغسيل المشارب يدوياً وجمع بيض المائدة أو بيض التفقيس يدوياً أيضاً.
أمّا في الحظائر المغلقة ذات التهوئة الإصطناعية ونظراً لكثافة الطيور فيها فإنّ المعدّات المستخدمة هي معدّات آلية. فالمعالف توزع العلف بصورة آليّة وهي إمّا أن تكون خطوطاً طوليّة مستقلّة ومتوازية أو خطوط تدور طولاً وعرضاً بالحظيرة بإتجاهٍ واحد. وفي الحالتين فإنّ خزانات العلف هي التي تغذي هذه الخطوط لتوزيع العلف منها الى الطيور في الحظيرة.
أمّا المشارب الآليّة الأكثر شيوعاً وإستخداماً في الحظائر المغلقة فهي خطوط فيها حلمات يتدفق منها الماء لدى ملامسة منقار الطائر الحلمة الى فم الطائر. إنّ طول العنبر يعتمد على مدى المعالف والمشارب الآليّة على توزيع العلف للطيور. لقد وصل أقصى طول معتمد مؤخراً للحظائر الحديثة الى 200 متر. لكن في لبنان تصرّ مديريّة التنظيم المُدني على طول لا يتجاوز 100 متر في البقاع و 60 متر في باقي المناطق اللبنانية. والحجة هي تأثير الطول الزائد على الناحية الجمالية في المناطق اللبنانية. وهذا بالحقيقة مؤسف لأنّه يتنافى مع إقتصاديّات إنتاج بيض المائدة ولحم الدواجن مقارنةً مع كل البلدان الأخرى التي لا تعتمد شروطاً للطول أو العرض لمشاريع صناعيّة أو زراعيّة.
أمّا عرض الحظائر المقفلة، وطالما أنّ تهوئتها إصطناعيّة، فيعتمد على توزيع خطوط المعالف والمشارب والمبايض بحيث يتوازن العدد في المتر المربع مع الإستخدام الأفضل للمعدّات. وإذا إستُخدمت الستائر في هذه البيوت لتحويل التهوئة من إصطناعية الى طبيعية في أوقات محدّدة فعلى الحظائر ألاّ يزيد عرضها عن 15 متر منعاً لحدوث خلل بالتهوئة.