ليس سهلاً عليّ أن أجلس وأخط لكم مايختلج في صدري من مشاعر جلّها تخبّط بين الإعتراف بالحادث ونكرانه وبين اللّوم والغضب وبين التساؤل لماذا جمال وطأطأة الرأس أمام مشيئة الله.
لكنّ مراقبتي لصمودكم وتقبل المصيبه بصبر وحمدكم لله دون انقطاع شجعني لعل في أسطر قليلة عوناً بسيطاً لبلسمة الجرح العميق.
جمال كان معلّماً بالفطرة من حيث لايدري . علّمنا التواضع الممزوج بالبسمة .
علّمنا تحليل الإمور المعقدة بهدؤ. علمّنا رباطة الجأش . علّمنا تقّبل الآخر كما هو . علّمنا التسامح إلى حدّ التفريط بالمادة . علّمنا الكرم والعطاء دون تردد ولاتباطؤ . علّمنا كل ذلك وأكثر دون الإشارة إلى هذه الصفات الحميدة إلا بعينيه.
لكن الأهم الأهم هو نكرانه لنفسه إلى حد التضحية بها وكأنه أراد أن يكون عبرة وإمثولة كي يتعظ بها الآخرون . هذه صفات لم يتحلى بها إلاالفلاسفة العظماء والمجاهدين إعلاءً لفكرٍ وتعلقاً بمثلٍ ودفاعاً عن الحق.
فلنأخذها عبرة كما أراد ونتعّظ إكراماً له ومثلاً تتوارثه الأجيال من بعده . العبرة هي في التعبير عن الألم بدل كبته ورفع الصوت عالياً حيث الخطر داهم وطلب المؤازرة دون خجل وتحاشياً لشعور آني لأن هكذا تحاشي يولد حسرة وندماً دائمين وعميقين . سيظل جمال بيننا يجمل جلساتنا ويدلي برايه بالايماء كماعودنا.
بأسمي ونيابةً عن زوجتي أمل وأولادنا وعن طوني وعائلته وعن رمزي وخليل نصر الله وعائلتهما وعن عائلات مجموعة شركات الوادي ، أتقدم منكم ومن عائلاتكم ومن أمّه الثكلى وزوجته وأولاده المفجوعين بخالص العزاء راجياً من الله أن يسكن جمال فسيح جناته ويتغمده بواسع رحمته ويلهمكم الصبر والسلوان . وإنا لله وإنا إليه راجعون.