مقدمة
تفاقمت الخسائر التي ترتبت على حمى الخوف من أنفلونزا الطيور في لبنان وأصبحت قاب قوسين أو أدنى من القضاء على صناعة حديثة عمرها خمسين سنة رساميلها تعدت الـ 350 مليون دولار توظف ما يزيد عن عشرة آلاف موظف يعيلون خمسين ألف مواطن .
حدث ذلك لا بسبب وصول المرض إلى لبنان بل بسبب خوف الناس منه كلما سمعوا بحوادث أنفلونزا الطيور تقترب من لبنان خاصة بدءاً بالحالة التي ظهرت في تركيا في شهر أكتوبر 2005 ومروراً بحالات أخرى ظهرت في رومانيا وأوكرانيا وتركيا مرة أخرى والعراق ومؤخرا في نيجريا وإيطاليا واليونان ومصر .
أوكلت الأمم المتحدة إحدى منظماتها وهي منظمة الأغذية والزراعة مهمة دراسة تطورات هذا الفيروس وإصدار الدراسات والبيانات حول تواجده في العالم وكذلك وضع التوصيات الواجبة على الدول اتخاذها لرفع درجة جهوزيتها لمواجهة هذا الفيروس كما عممت توصيات أخرى تخفف من إمكانية انتشاره أو دخوله الدول غير المصابة أو طرق القضاء عليه عند دخوله .
ما زال لبنان حتى يومنا هذا خالٍ من هذا المرض . أي أنه لم تُصَب لا الطيور البلدية ولا طيور المزارع التجارية كما لم يتم الكشف عن أية حالة من حالات المرض بالطيور التي تحط في لبنان بطريق هجرتها جنوباً إلى داخل أفريقيا وبالعكس وهو أمر جيد . لكن هذا الواقع لا يمنع دخول أنفلونزا الطيور إلى لبنان وبالتالي انتشاره خاصة إذا ما نظرنا إلى أماكن تواجد الطيور البرية والمائية وإذا ما تمعنا بمستوى الإجراءات الوقائية التي يتم اعتمادها بالمزارع التجارية .
إن كاتب هذه الخطّة ، لما له من خبرات واسعة في شؤون وشجون الصناعة ، ولما له من متابعة دقيقة لمرض أنفلونزا الطيور في العالم وللتوصيات والإجراءات التي اعتمدتها الدول المتقدمة في مواجهة المرض أن قبل أو بعد حدوثه في بلدانها ، فهو يتقدّم من الحكومة اللبنانية وكل المعنيين بصناعة الدواجن كالجامعات والمختبرات والهيئات المدنية بمقترحات محددة لمواجهة مرض أنفلونزا الطيور في لبنان .
خطوات مقترحة على الحكومة لاتخاذها أ – في الإجراءات الوقائية : تنفيذ قرار منع صيد الطيور البرية تنفيذا صارما على كافة الأراضي اللبنانية . اتخاذ قرار يلزم كل أصحاب الطيور البلدية من دجاج وحمام بوجوب حجزها في غرف تمنعها من التجول خارجها تحت طائلة أتلافها . اتخاذ قرار بحجز كل الطيور المائية المتواجدة في البرك الطبيعية أو الاصطناعية في غرف ومنعها من التجول خارجها . تعميم بفرض عدم التعرض للطيور المهاجرة وعدم الاقتراب منها تحت طائلة الملاحقة . منع استيراد طيور الزينة . حصر الاستيراد بأمات البيض والتسمين عمر يوم من بلدان خالية من أنفلونزا الطيور . التشدد في مراقبة الحدود وعدم السماح للطيور الحية ولحم الدجاج من أي نوع كان من الدخول بصورة غير شرعية . إصدار قرار بإلزام المزارع التجارية بإحكام إغلاق عنابر الدجاج لديها ومنع دخول الطيور البرية إليها واتخاذ إجراءات مكافحة الحيوانات الأليفة والبرية والقوارض داخل حرم هذه المزارع تحت طائلة إقفال المزارع غير الملتزمة .
ب – في موازنة العرض مع الطلب : انخفض استهلاك بيض المائدة ولحم الدجاج انخفاضا كبيرا تعدى مستوى الخمسين بالماية خلال الأشهر القليلة الماضية الأمر الذي أدى إلى انخفاض الأسعار لما دون الكلفة بحدود تراوحت بين 25 و 40 % .
سارعت معظم الشركات لتخفيض إنتاجها لكنها فشلت حتى الآن بالوصول بهذا الإنتاج إلى مستوى الطلب المتدني . والسبب في ذلك يعود إلى طول الفترة الإنتاجية لأمات التسمين والبياض والدجاج البياض وبالتالي وجود إنتاج كبير نسبيا من بيض المائدة وصيصان البيض والتسمين.
لذلك أصبح من الواجب اعتماد إجرائيين متوازيين :
الأول هو حملة إعلامية لتبديد الخوف لدى المواطنين من استهلاك بيض المائدة ولحم الدجاج وبالتالي رفع مستوى الاستهلاك. ( انظر إجراء ج لاحقاً )
والثاني هو مساعدة المزارعين في تخفيض إعداد الدجاج البياض وأمات التسمين والبياض بحيث ينخفض إنتاج بيض المائدة إلى مستوى الاستهلاك وينخفض إنتاج الصيصان البياضة والتسمين وبالتالي تنخفض التربية إلى حدود مستوى الاستهلاك .
أما شكل المساعدة التي نقترح فهي أن تقوم الدولة بالتعويض على المزارعين الراغبين في التخلص من الفائض من قطعانهم عن طريق الإعدام والدفن حسب الجدول المبين لاحقاً وهو الجدول الصالح للتعويض عن المزارعين في حالة تواجد المرض في منطقة محددة واعتماد مبدأ الإعدام القصري كوسيلة لحصر المرض والحد من انتشاره خارج المنطقة المصابة .
ج – في تبديد الخوف لدى المستهلكين :
نقترح للوصول إلى هذا الهدف الهام ما يلي :
تتولّى نقابات الدواجن والشركات المتكاملة لمنتجي الدواجن المساهمة في إعداد برامج توعية إعلامية شاملة على يد شركة متخصصة لشرح سلامة استهلاك بيض المائدة ولحم الدجاج طالما كان مطهيا طهيا جيداً حتى ولو جاء من طيور مصابة . تتولى الحكومة ، بعد موافقتها على البرامج ، تمويلها وبثها وعرضها عن طريق وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة بما فيها استخدام اليافطات (Billboards & Unipoles) التي تملكها الشركات الخاصة كل ذلك بالمجان ولمدة تتناسب مع النتائج المتحصلة من هذه الحملة الإعلامية .
د – في مساعدة القطاع الخاص تخفيف الضائقة المالية:
نظرا لتعرض الشركات والأفراد العاملين في قطاع الدواجن لخسائر كبيرة فبإمكان الحكومة مساعدتهم أيضا عن طريق :
تأجيل دفع المستحقات المترتبة لإدارات الدولة المختلفة من وزارة المالية والتأمينات الاجتماعية وغيرها لمدد محددة .
تأجيل دفع المستحقات المترتبة للبنوك التجارية ومؤسسات الإقراض الأخرى وذلك لمدد محددة .
هـ – في إجراءات الاستعداد لمواجهة حالات أنفلونزا الطيور :
في غياب خطة طارئة معلنة عن وزارة الزراعة فإننا ندرج فيما يلي توصياتنا بهذا الشأن :
تجهيز معمل تشخيص الأمراض بالفنار بالعدة الكافية لفحص عينات كبيرة من المصل والمسحات .
توفير عدد كاف من الفنيين المتدربين على إجراء الفحوصات المخبرية اللازمة للكشف على فيروس أنفلونزا الطيور وتصنيف عتراته.
العمل بتوصيات وخطط منظمة الأغذية والزراعة وبالمنظمة العالمية لصحة الحيوان بشأن إعداد خطة الجهوزية المطلوبة لمواجهة المرض .
تسجيل لقاح أنفلونزا الطيور المعطل الشديد الضراوة توطئة للسماح باستيراده في حالة حدوث حالات مؤكدة في سوريا أو لبنان وذلك لتحصين الطيور للتخفيف من انتشار المرض انتشارا تصعب السيطرة عليه .
تعيين فرق مدربة من الأطباء البيطريين ومساعدين لهم مهمتهم أخذ عينات من المصل والمسحات من الطيور البرية والبلدية والمزارع في كافة المحافظات لفحصها في مختبر الفنار وإعلان النتائج .
في حالة ظهور أي من العترات شديدة الضراوة :
تتم محاصرة الطيور في دائرة محددة حول الإصابة ومنع خروج أي طيور منها سواء مصابة أو صحيحة .
يصار إلى أخذ عينات من كافة الطيور البلدية والحمام والمزارع ضمن المنطقة المحاصرة وإلزام إعدام الطيور الإيجابية للعترة شديدة الضراوة. ج – يسمح باستخدام اللقاح المعطل شديد الضراوة بكافة أنحاء لبنان .
د – تؤخذ عينات من كافة الطيور البلدية والحمام والمزارع التجارية مرة كل شهر ويلزم بإعدام أي قطيع إيجابي لأنفلونزا الطيور شديد الضراوة حتى ولو كان صحيحاً بفعل مناعته عن طريق التحصين .
هـ- تتم عملية الإعدام بموجب بروتوكول خاص لهذه الغاية .
و – يتم تعويض المزارعين أصحاب الطيور أو القطعان المعدومة بموجب جدول التعويضات المبين لاحقاً .
ز- يلزم أصحاب المزارع بعدم إحلال أفواج جديدة في المزارع التي تم إعدام طيورها إلا بعد التأكد من التخلص من السماد بطريقة الطمر في مطامر تحددها المحافظات
وبعد تنظيف وتعقيم هذه المزارع والتأكد من خلوها من فيروس أنفلونزا الطيور عن طريق فحص مسحات متعددة من المزرعة المخلاة . ح- يعاد النظر في الخطة الطارئة للإعدام وللتحصين على ضوء المستجدات والتطورات الحاصلة في لبنان وعلى ضوء قرارات منظمة الأغذية والزراعة المستجدة .