مقدمة
ما فتئ انفلونزا الطيور شديد الضراوة HPAI عترةH5N1 يصيب دولاً عديدة في العالم منذ 1997 دون توقف إلى أن وصل أواخر عام 2005 إلى تركيا وأوائل 2006 أصاب مصر وإسرائيل والأردن ومؤخراً ظهرت إصابات محدودة منه في الكويت والمملكة العربية السعودية.
ولما كنت من كبار المستثمرين في قطاع الدواجن في مصر تسنى لي تنبيه المسؤولين حول ضرورة أخذ الإجراءات الآيلة إلى الوقاية من هذا الوباء بأشهر عديدة قبل ظهور الإصابة .
ثم تسنى لي أن اشارك اللجنة الفنية التي الّفها وزير الزراعة كي تواكب تطورات الإصابة بعد حدوثها ووضع التوصيات اللازمة للتخفيف من أثرها. وبهذه الصفة شاركت في إجتماعات شبه يومية مع اللجنة الفنية وخبراء منظمة الأغذية FAO والمنظمة العالمية لصحة الحيوان OIE وذلك في الفترة من 18/2/2006 إلى 29/4/2006 حين ضقت ذرعاً من مماطلات المسؤوولين ومماطلات خبراء FAO و OIE حول أخذ الإجراءات الجريئة التي تضع حداً لتفشي المرض فتوقفت طوعاً عن الإجتماع بهؤلاء ورحت أشارك في مؤتمرات عدة لاوضح اسباب الكارثة التي حلت بصناعة الدواجن في مصر وأودت بثلاثين مليون طائر خلال اربعة اسابيع وإنخفاض الإنتاج إلى 20 % مما كان قبل الإصابة في كل حلقات الصناعة تقريباً . وجلّها يعود إلى إعتماد التسويف والمماطلة والأخذ بآراء خبراء أوروبيين غير مطلعين على الأوضاع الخاصة لمشاريع الدواجن التجارية أو الأوضاع الخاصة للتربية الريفية في بلدان كأندونيسيا وفيتنام ومصر وغيرها من البلدان الفقيرة والنامية . فاصّروا على إعتماد المحاصرة والاعدام وعدم إستعمال اللقاح الا للجدود وأمات البياض .
والذي زاد الطين بلّة في مصر ان تم إحداث اللجنة العليا لمكافحة انفلونزا الطيور برئاسة وزير الصحة وعضوية وزيري الزراعة والبيئة والمحافظين وغيرهم من بعض المسؤولين التابعين لوزارة الزراعة . فجاءت تصريحات رئيس اللجنة وقراراته جائرة وغير واقعية تتخطى حتى توصيات وزير الزراعة إذ كان همّ الأول منع حدوث حالات بشرية . فإذا به يشدد على الخلاص من الدواجن في مصر بدلاً من التركيز على مركز ومكمن الحوادث البشرية والتي إنحصرت في الأرياف فقط لا غير اثناء الإصابة والمحاصرة والإعدام على يد افراد القوى المسلحة للمزارع التجارية فقط دون الإهتمام بتعميم لتحصين الطيور الريفية والزام أصحابها بتسكينها منعاً لتعرضها للمرض .ومما زاد المشكلة سوءاً أن لم تعتمد الدولة برنامج تعويض كفوء للمزارع التي تقع حول البؤر المصابة الأمر الذي جعل أصحابها يهربونها من مكان إلى آ خر ومن محافظة إلى أخرى.
من هنا ومن منطلق خبرتي المباشرة في معايشة كارثة وباء انفلونزا الطيور شديد الضراوة في مصر أرجو أن أتقدم من المشاركين في ورشة عمل إطلاق مشروع " المساعدة الطارئة للوقاية من إنفلونزا الطيور في لبنان" بالتوصيات التالية :
برنامج الوقاية من انفلونزا الطيور شديد الضراوة HPAI H5N1 في لبنان.
تسجيل لقاح H5N2 أو H5N9 أو غيره فوراً ودون تردّد .
السماح لكل المزارع التجارية بإستخدام هذا اللقاح المعطّل ولكل أنواع الطيور دون إستثناء.
الزام مستوردي هذه اللقاحات بتوفير عشرة بالماية من مستورداتهم لوزارة الزراعة مجاناً كي تستخدمه الوزارة في تحصين الطيور المنزلية والريفية على يد الفنيين التابعين لمكاتب الوزارة في المحافظات بالتعاون مع البلديات والمخاتير.
عدم إعتماد الطيور الكاشفة Sentinels لأنها مضيعة للوقت ولا لزوم لها وقد تؤسس بؤر في كل مزرعة من المزارع المحصّنة.
عدم إعتماد أي برنامج للتعويض البتّة بإعتبار أن السماح بإستخدام اللقاح هو مساهمة الحكومة في توفير السلاح الواجب لأصحاب المزارع التجارية لإستخدامه في وقاية طيورهم . ناهيك على أن الدولة مفلسة ومن الصعب الحصول على أي تعويض منها خاصة وان القيمين على السياسة الإقتصادية وعلى رأسهم وزير الإقتصاد والتجارة غير مقتنع بصناعة الدواجن في لبنان وما فتئ ينصح اصحاب هذه الصناعة بالعدول عنها.
التشدد في تنفيذ قرار منع الصيد والتشدد في هدم البرك الإصطناعية التي تنشأ لجذب البط المهاجر لصيده .
إصدار قرار بالزام أصحاب الدواجن المنزلية والريفة بتسكين طيورهم وعدم تركها سائبة تسرح وتمرح تحت طائلة إعدامها.
منع تربية الدواجن في المدن وعلى سطوح المنازل وكذلك منع تربية الحمام إلا إذا تم تسكينها وعدم السماح لها بالطيران البتّة.
التأكد من وجود Real Time – PCR لدى مختبر الفنار ومن وجود فنيين قادرين على تشغيله بكفاءة وذلك لإجراء الفحوصات اللازمة على أية عينات لغرض الكشف عن وجود الفيروس من عدمه ضمن برنامج محدد للمسح أو للتأكد من سبب نفوق غير طبيعي او لغرض المراقبة Surveillance.
إعتماد برنامج مراقبة Surveillance فقط بعد القيام بكل الخطوات التسع السابقة وذلك من اجل الكشف على القطعان المصابة بالرغم من كونها محصنّة من أجل إصدار القرار اللازم بشأنها ومنه إعدامها . يجب أن يعتمد برنامج المراقبة على أخذ عينات عشوائية من الطيور المحصّنة والكشف عن وجود او عدم وجود الفيروس الحي H5N1 بالقطعان المشار إليها.
يمكن دراسة التوقف عن إستخدام اللقاح المعطّل H5 عندما لا تظهر أية حالة إيجابية في لبنان ولمدة ستة أشهر متتالية وعندما لا تظهر حالات إيجابية في البلدان المجاورة كسوريا وإسرائيل لستة أشهر متتالية ، وذلك بعد دراسة متأنية لمفاعيل قرار التوقف . علماً بانه لا ضرر من الإستمرار في إستخدام اللقاح.
يجب عدم التهاون في تنفيذ كل الإجراءات المقترحة أثناء السماح بإستخدام اللقاح H5 أو بعد ذلك.
الحازمية في 5/4/2007