بمناسبة عيد الجيش دعني أولاً أُهنِّئ جيشنا على وحدته وصلابته ومعالجته الحكيمة للوضع الأمني المُلتبِس مع الوضع السياسي في لبنان وأشدُّ على يدِه لأنّه المؤسّسة الوحيدة المُتبقِّيَة في لبنان دون تشرذُم.
إنّني على عِلم بأنّ معظم عناصر الجيش اللبناني هم من مناطق زراعيّة وعليه فإنّ أهلهُم يعتمِدون على الزراعة وبعض الصناعات الغِذائيّة لِعَيشِهم.
من هنا فإنّني أرغب في تسليط الضوء على الوضع الزراعي في لبنان والذي يعني أهل المُنخَرِطين بالجيش في لبنان أكثر من غيرِهم.
فأقول بأنّه آن الأوان للحكومة اللبنانيّة بأن تولي الشأن الزراعي الأهميّة التي تستحق حِفاظاً على إلتصاق المواطنين في أرضهم.
يتطلّب ذلك إعادة النظر في كل القوانين التي من شأنِها تشجيع الإنتاج الزراعي على حساب مثيلِهِ المُستورَد من خارج لبنان.
يجب على الحكومات المُتعاقِبة أن تتفَهَّم بأنّ مصلحة المواطن اللبناني تأتي أولاً وقبل أي إتفاق تجاري مع أي دولة أو أي مؤسسة أخرى خارج الوطن أكانت عربيّة أم أوروبيّة أو غيرها.
لذلك يجب تعديل قانون حماية المستهلك وقانون حماية الإنتاج الوطني وتعديل إتفاقات التبادل التجاري الحرّ مع الدول الأخرى وإيقاف العمل بإتفاقيّة المنطقة الحرّة العربيّة وبإتفاقيّة اليورو متوسِّطيّة والتوقف عن وضع القوانين المختلفة التي تُمهِّد لإنضمام لبنان لمنظمة التجارة العالميّة. ذلك لأنَّ كل هذه الإتفاقات والقوانين المرعيّة الإجراء تخدم الدول المُصدِّرة الى لبنان ولا تخدم المواطن اللبناني والمُزارع اللبناني في المقدِّمة.
إنَّ حجم إستيرادنا يبلغ أربع أضعاف حجم تصديرنا وعليه فإنّ العجز الكبير في الميزان التجاري يتطلَّب إجراءات حازِمة لِتخفيفِهِ ولا يمكن لِلبنان أن يُخفِّف من هذا العجز إلاّ بالإجراءات التي ذَكَرت. لقد إعتمد لبنان سياسة الإنفتاح الإقتصادي المُفرِط مدّةً تزيد عن عشرين سنة بعد دستور الطائف والوضع الإقتصادي على تراجُع مُستمِر. فآنَ الأوان لتعديل هذه السياسة التي أدَّت الى إقفال معظم الصناعات وأدَّت الى تراجُع الإنتاج الزراعي لِدرجة أنّ وزير الزراعة يُقدِّر بأنَّ 85 % من غذاء اللبنانيّين يتمّ إستيرادَه من الخارج. فهل نظل أسرى الإنفتاح فقط لأنّ الدول المُنتَفِعَة من هذا الإنتاج تضغط على مسؤولينا الجاهِلين الحقيقة والواقِع والمُنخرِطين في مقولة الفرنجي برنجي؟
وهنا يمكن التنويه على أنَّ معظم منسوبي الجيش يتركون الخدمة وهم في عزِّ نشاطِهم وحيويّتِهم. فلو كان أهلهم قد هيّأوا لهم نشاطاً زراعياً في مناطِقهِم فإنّ ذلك يُسهِّل عليهم الإنخراط فيه لدى إنهائهم سنوات الخدمة.