يتساءل المُنتجون اللبنانيون من صناعيّين أو مزارعين عن إصرار معظم الوزراء على التشبُّث بالعمل بإتفاقيات التبادل التجاري الحرّ وبإتفاقية اليورو متوسّطية وبإتفاقية المنطقة الحرّة العربيّة في حين لا تحترم الدول الموقِّعة مع لبنان هذه الإتفاقات، فتستخدم كافة الوسائل المشروعة وغير المشروعة لِلحدّ من صادرات لبنان - على قِلّتِها - إليها وتُسيء إستخدام إتفاقيّة المنطقة الحرّة العربيّة.
فعلى سبيل المثال:
1. الأردن يمنع إستيراد بيض التفريخ من لبنان.
2. المملكة العربية السعودية تمنع إستيراد بيض المائدة وبيض التفريخ من لبنان.
3. مصر والمغرب والولايات المتحدة الأميركية والدول الأوروبيّة تضع مواصفات تعجيزيّة لمنع إستيراد المُصنّعات الغذائية اللبنانيّة التي تحوي لحوماً.
4. الإمارات العربيّة المتحدة والأردن يُصدِّران لحوم الدواجن المُجلّدة المُستَوردة من البرازيل على أنّها من منشأ البلَدين تحاشياً من دفع الرّسوم الجمركيّة على الحدود اللبنانيّة إستناداً الى إتفاقيّة المنطقة الحرّة العربيّة.
5. سوريا لا تتوقف عن السماح بتهريب بيض المائدة ولحم الدواجن الى لبنان كلّما كانت أسعارها مُتدنّية فتُزعزِع حالة المزارعين اللبنانيّين وتجعلهم لا يعرفون متى تنزل عليهم الكارثة.
فهذه أمثلة تدلّ على تخاذُل المسؤولين وتورُّط السّلطات الجمركيّة في تمرير المخالفات الى درجة أن يتجرّأ بعضهم للدفاع عن ظاهرة التهريب والتهرّب على أنّها تخدم مصلحة المستهلك اللبناني وبحجّة أنّها المصلحة العُليا والتي تعلو على مصلحة أي فئة من المنتجين مهما كان عددُها.
الغريب العجيب أنّ هذا المنطق هو منطق مُلتَوٍ:
- في ظل حماية فئات من اللّبنانيين كالنقابات المهنيّة الأربع، المحامين والأطباء والمهندسين والصيادلة،
- وفي ظل إحتكار إنتاج وبيع الإسمنت لِمصنَعين وحيدَين، شكا وسبلين،
- وفي ظل إحتكار طيران الشرق الأوسط لِفرض تعرفة تذاكر السفر على الخطوط الجويّة الأخرى،
- وفي ظلّ تفلُّت البنوك من إجراءات قانون حماية المستهلك.
لقد آن الأوان أن تخرج الدولة من العمل بإتفاقيات التبادل التجاري الحرّ في ظلّ عجز متصاعد في الميزان التجاري والذي بلغَ في العام السابق 17 مليار دولار، فتُعزّز بذلك الإستثمار في القطاعات الإنتاجيّة القادرة على إستيعاب آلاف الموظفين.