سرّني حضور حفل Lebanon works التي نظمتها "شبكة القطاع الخاص اللبناني LPSN" يوم الجمعة في 16-6-2023.
إنطباعي العام هو أنّ المستعرضين جميعاً كانوا في غاية الحماس والإتقان في التقديم.كانت العروض بمستوى قلّما نشهده خاصةً في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها لبنان. مشاركة الشركات الناجحة كان مثلاً يُحتذى به لكل من يشكّك بعزيمةوصلابةوقدرة اللبناني على إجتراح الفرص والخروج بعلاج كل مرض.
بقِيَ أن يُقال بأنّ المجهود الذي بُذِل يجب ألاّ يتوقف عند حدّ الأمثلة الناجحة بل يجب أن يتعدّاه إلى مستوى التشجيع والتعميم.
إنّ الانتقال من المرحلة الأولى إلى ما بعدها يتطلّب إجتراح حلول محددة يصعب تحقيقها دون أولاً إبرازها بالتحليل والأرقام، وثانياً بإيصالها للمسؤولين من وزراء محدّدين ورئاسة مجلس الوزراء لإعتمادها.
ففي هذا الشأن أقترح على منظّمي ومديري "شبكة القطاع الخاص اللبنانيLPSN" النظر ملياً في المسائل والإجراءات التالية:
أولاً: بالرغم من الضائقة المالية والاقتصادية، استطاع القطاع الخاص اللبناني أن يتأقلم مع الوضع وينشط ويحافظ على ثروته البشرية بإعتماد رفع أجورهم الى أقرب ما أمكن من تغطية أكلاف المعيشة المستجدّة.
ثانياً: لكن بقيت مشكلة العلاقة المتأزمة بين القطاع الخاص والقطاع العام كون الأخير ممتنع عن الحضور إلى مراكز العمل. هذا يشمل القضاء والمعلمين وموظفي القطاع العام في كافة الوزارات والمؤسسات الحكومية المختلفة. والقطاع الخاص بحاجة إلى خدماتهم جميعاً حتى يكتمل عمله ويتقونَن.
ثالثاً: يتطلّب حلّ المشكلة الآنفة الذكر زيادة أجور العاملين في القطاع العام تماماً كما فعل القطاع الخاص. زيادة الأجور هذه تتطلّب دخلاً للدولة غير متوفر في ظل الإجراءات المعمول بها منذ عشرات السنين والتي لا تؤدّي الى تحصيل أموال تكفي للقيام بمهمة الزيادة المطلوبة. من هنا لا بدّمن اجتراح حلول تضمن الحصول على هذه الأموال دون اللجوء الى الإستدانة لا من صندوق النقد الدولي ولا من البنك الدولي ولا من أي دولة بعينها، وذلك منعاً لتراكم الإلتزامات التي لا يمكن للقطاع العام توفيرها لا عن طريق ضرائب الدخل ولا عن طريق الرسوم المختلفة ولا عن طريق البنوك المفلسة.
رابعاً: بقي أن يتمّ الحصول على هذه الأموال عن طريق فرض ضرائب مرتفعة على الكماليات المستوردة كالسيارات والحُلى المصنّعة والمشروبات الكحولية والأحذية والألبسة والصناعات الخشبية غالية الثمن. ففي دراسة أعددتها منذ 15 شهراً لجدول الجمارك للبنود الجمركية الـ 98، تبيّن لي أنه بالإمكان تحصيل ما يزيد عن ثلاثة مليارات دولار في بادىء الأمر يتحمّلها أصحاب القدرة الشرائية العالية دون التأثير على الطبقة ذات الدخل المتوسط والقليل، شريطة أن يتم تحصيل الرسوم الجمركية المعتمدة بسعر صرف السوق.
خامساً: يتطلّب الحل أعلاه تجميد العمل بإتفاقيات التبادل التجاري الحر لمدة لا تقل عن 15 سنة بحجة الضائقة الاقتصادية وهذا حق مشروع. وأخال أن أول من يتصدّى معترضاً على هذا التوجُه هم التجّار المستوردون الذين عبثوا بالإقتصاد من خلال الغش في التصريحات الجمركية على قلّتها (أقل من 5% من مجمل الصادرات) وبالإستئثار بالوكالات الحصرية وتالياً بالجشع في تحقيق الأرباح وعدم دفع ضرائب الدخل المستحقة وبالتلطي خلف الاقتصاد الحر الذي أقفل معظم القطاعات الإنتاجية وهجّر الكفاءات الشابة وأفقر لبنان وأوصل العجز التجاري إلى 17 مليار دولار سنوياً. هؤلاء التجار المستوردون هم مصدر الإفساد الذي أنتج وزراء فاسدين وموظفين فاسدين، ونشر الفساد لِعقود من الزمن لأن الفساد يتطلّب المال، والتجار المستوردون هم مصدره.
سادساً: مهمة شبكة القطاع الخاص اللبناني LPSN، إن إقتنعت بهكذا توجُه، أن تعمّمه إعلامياً بشكل مكثف وأن تتواصل مع كل الوزراء ورئاسة مجلس الوزراء وأن تقوم بكل ما بوسعها لإحقاقه بأسرع وقت ممكن كي ينتظم عمل مؤسسات الدولة ويتم التخلّص من الفائض من الموظفين خاصة غير المثبّتين وغير الكفوئين منهم ويتمّ معها تفعيل أجهزة الرقابة للتخلّص من آفة الفساد.
هكذا يمكن لشبكة القطاع الخاصأن تكون فاعلاً كبيراً في نقل لبنان من حالة الفوضى والفساد المستشري إلى حالة التوازن على صعيد مصلحة المواطنين بعيداً عن المناكفات السياسية مهما طال أمدُها.