Blog-Image

إعتماُدنا على أنفسنا = خلاصُنا 

December 16, 2019 Musa Freiji Articles

كَثُر الحديث مؤخراً عن التكليف والتأليف وعن المساعدات المرتقبة من الدول القادرة على مساعدة لبنان للخروج من أزمته المالية المستعصية.

ففي شأن التكليف والتأليف هنالك من ينادي بعودة الحريري لتأليف الحكومة بالرغم من:

  • فشله الذريع في قيادة البلد إلى برّ الأمان.
  • تماديه بمسايرة دول غربية وعربية على حساب الشعب اللبناني.
  • معارضة معظم المتظاهرين لعودته.

حجة المُنادين بعودة الحريري هي ضرورة تمثيل القوى السياسية المعبَّر عنها بإنتخابات 2018 في الحكومة وضمان حصولها على ثقة مجلس النواب.

لقد غاب عن هؤلاء أنّ مصير الفاشل هو السقوط. والفشل يتحمّله رئيس الحكومات والوزراء الذين مثّلوا القوى السياسية من أحزاب وتيارات لعقود متواصلة وأغرقوا البلد بالديون نتيجة الفساد والنهب والمحاصصة وسوء الإدارة. وعليه فإنه من الواجب إزاحتهم جميعاً عن الحكم، والإتيان برئيس وزراء ووزراء مستقلّين أخصّائيين لتصحيح الوضع المالي والإقتصادي.

يسعى رئيس حكومة تصريف الأعمال بمفاوضة مجموعة الدول الغربية والعربية لمساعدة لبنان مالياً كي يخرج من ضائقته المستعصية التي أوصلنا إليها هو وزمرته. أي أنه يطالب الحكومة، وكأنه واثق من عودته لرئاسة الحكومة، بالمزيد من الإستدانة وبالتالي المزيد من الغرق في الديون وفوائدها من دون أي ضمانة على كيفية إستخدام المساعدات المالية بالطّرق السليمة وعلى كيفية سدادها.

إنّ الذهاب للإستدانة لن يُخرِج لبنان من مشكلته المالية والإقتصادية. فتصحيح الوضع يأتي من تصحيح المسار والممارسات. فالمسار يتطلّب النظر مليّاً بكل المشاكل التي يعاني منها لبنان ماليةً كانت أم إقتصادية. فتفاقُم البطالة هي علّة العلل وتتصدّر كل ما عداها من صعوبات. وهي في الواقع ناتجة عن إعتماد الحكومات المتعاقبة منذ عام 1992 على الإنفتاح المفرط وتبنّي سياسة العولمة وبالتالي الإلتزام بتوقيع إتفاقيات تبادل تجاري حرّ مع العديد من التكتلات أو الدول. هذا الأمر أدى إلى غزو لبنان بمنتجات صناعية وزراعية ودوائية مدعومٌ إنتاجها من بلدان منشأها أو مدعوم تصديرها أو الإثنين معاً وبالتالي منافستها للإنتاج اللبناني منافسة غير متكافئة ممّا أدى إلى العزوف عن الإنتاج وأوصل إلى البطالة المتوحشة وإلى تفاقم العجز في الميزان التجاري.

فلولا البطالة لما رأينا الشعب ينتفض كما فعل خلال الشهرين السابقين ولَما رأينا البعض ينتحر. هنا تكمن المشكلة والحل يجب أن يعتمد على إيجاد فرص عمل للعاطلين من عامة الشعب ومن خرّيجي الجامعات وكذلك من المغتربين التوّاقين للعودة إلى لبنان هرباً من الغُربة ومآسيها.

فرص العمل لن تتحقق إلاّ بتفعيل القطاعات الإنتاجية من جديد. هذا يتطلّب تجميد العمل بإتفاقيات التبادل التجاري الحرّ أولاً، ثم إلى وضع رسوم جمركية لا تقل عن 50% مع حد أدنى للإستيفاء الجمركي على كل ما ينتج أو يمكن إنتاجه في لبنان. هذا الإجراء من شأنه:

  • أن يفسح في المجال أمام المغتربين للعودة بخبراتهم ومدخراتهم إلى لبنان للإستثمار في المجالات المحميّة ليَحِلَّ إنتاجهم محل المستورد ويوفِّروا فرص العمل لمُحتاجيها وما أكثرهم.
  • أن يوفِّر للدولة بادئ ذي بدء ثلاثة مليارات دولار سنوياً على إعتبار أنّ قيمة المستوردات الخاضعة للرسوم الجمركية لا تقل عن ستة مليارات ريثما حلّ محلَّها إنتاج وطني على مدى 3 الى 5 سنوات.
  • أن يؤمّن فرص عمل لِما لا يقلّ عن ماية ألف مواطن.
  • أن يُخرِج الدولة من الحاجة للإستدانة ودفع فوائد على دَين فوق دَين.
  • أن يجعل من لبنان بلداً منتجاً صناعياً وزراعياً ويساعده على إعتماد سياسة الأمن الغذائي.

رُبَّ قائلٍ أنّ الرسوم الجمركية المرتفعة المقترحة للوصول إلى تحقيق الإنتاج المحلي سوف تزيد من كلفة المعيشة آنياً ومستقبلاً. نعم سيحصل ذلك، لكنّ العلاج يأتي عن طريق رفع الحد الأدنى للأجور تماماً كما قد يحصل لو زادت قيمة المستوردات لأي سببٍ كان.

يجب التوقف عن مسايرة الدول العربية والغربية على حساب الشعب اللبناني وعن الإستمرار في الخضوع لإملاءاتهم وإبقائنا بلداً ريعياً يستورد 85% من غذائه. إنها سياسة إستعمارية بإمتياز. وعلى كل من يساير المستعمر أن يحال إلى المحاكم لا إلى الحكم مجدداً.

    المهندسموسىفريجي

                      mfreiji@tanmia.com.lb

                               www.musafreiji.com

16/12/2019

Add your comment Here

Your email address will not be published.