Blog-Image

الشأن الإقتصادي في البيان الوزاري

February 19, 2019 Musa Freiji Articles, Blog

كما العادة ومنذ 1992، يأتي البيان الوزاري خالياً من الحلول الخاصة بالشأن الإقتصادي الّلهم إلا بطريقة خجولةوبالعموميات دون الغوص بالتفاصيل.

1. لم يأتِ البيان على السبل التي تخفف مستوى البطالة الذي وصل إلى 35% وكأنّ الحكومة تحكم الحجر ولا البشر وتيسّر أقلّه معيشتهم اللائقة.

2. لم يأتِ البيان على أهمية المحافظة على خريجي الجامعات الذين يضطرون للهجرة والعمل خارج لبنان بدلاً من أن يكونوا العمود الفقري لتقدُمه. بلغ عددهم السنوي 25,000 خريج أي أنّ لبنان هجّر ما يزيد عن 600,000 خريج جامعي منذ 1992 بسبب إتباع سياسة إقتصادية إنفتاحية إنفلاشية تخدم كل الدول الأخرى ولا تخدم لبنان.

والجدير بالذكر أنّ كلفة تنشئة وتعليم الـ 25,000 خريج تبلغ 12.5 مليار دولار أي لبنان يصدِّر كفاءاته وأدمغته مقابل تحويلات لا تتعدى السبعة مليارات دولار سنوياً أي بعجز يبلغ 5,5 مليار دولار سنوياً.

3. لم يأتِ البيان على ذكر العجز السنوي في الميزان التجاري الذي وصل إلى 17 مليار دولار في 2018 ولا على الإنخفاض المتواصل منذ 10 سنوات في قيمة الصادرات ولا على سبل معالجة هذا العجز.

لقد نتج هذا العجز المخيف جراء هرولة الحكومات المتتالية منذ 1992 لتوقيع إتفاقيات التبادل التجاري الحر مع دول ومع منظمات كالإتفاقيات الثنائية مع مصر والسعودية والكويت وغيرها وإتفاقية المنطقة العربية الحرة برعاية جامعة الدول العربية وإتفاقية اليورو متوسطية مع الإتحاد الأوروبي وجميع هذه الإتفاقيات تلزم لبنان بإلغاء الرسوم الجمركية على مستورداتها منها إلغاءً تاماً.

4. لم يأتِ البيان على ذكر مفاوضة لبنان للدخول في منظمة التجارة العالمية والتي ألزمت لبنان بتخفيض معدّل الرسوم الجمركية من كل دول العالم إلى ما دون الـ5%. وبالرغم من إنصياعه لهذا المطلب بقي لبنان عضواً مراقباً وليس دائماً حتى الآن لأنه لم يلغِ الرسوم الجمركية المحدودةلبضعة منتجات زراعية نباتية وحيوانية.

5. لم يأتِ البيان على ذكر المأساة الكبرى في عدم تشجيع الإستثمار في القطاعات الإنتاجية صناعيةً كانت أم زراعية بسبب إتفاقيات التبادل التجاري الحر غير العادلة للمستثمرين ولا للقطاعات الإنتاجية اللبنانية. فإذا ظلّ الإستثمار غائباً فكيف لنا أن نوفر فرص العمل لمحتاجيها بعد أن فشلت السياحة والخدمات ووظائف الدولة في إستيعابهم.

والجدير ذكره هنا بأن سياسة الإنفتاح وتخفيض الرسوم الجمركية أدّت إلى إقفال العديد من الصناعات في لبنان والتوقف عن العديد من الزراعات وسقط الوهم الموعود منذ 25 سنة على أن سياسة الإنفتاح ستفتح للمنتجين اللبنانيين أبواب الدنيا كلها لتصدير منتجاتهم فإذا بها تجعل المنتجين يواجهون منافسة غير مشروعة بسبب الدعم المباشر وغير المباشر للمنتجين في البلدان المصدِّرة إلى لبنان وكذلك دعم تصدير هذه المنتجات.

هذه الحكومة هي حكومة فاشلة وساقطة ما لم تعِد النظر بسياستها الإقتصادية فتُجمّد العمل بكل إتفاقيات التبادل التجاري الحر دون إستثناء مع كل الدول منفردة أو مع المجموعات العربية والأوروبية لمدة زمنية غير محددة وكذلك وضع رسوم جمركية فاعلة على كل ما ينتج وما يمكن إنتاجه في لبنان كي يحلّ هذا الإنتاج محل المنتجات المستوردة ويتمّ تصريفه في لبنان دون عناء التصدير وإشكالاته المتعددة.

ربّ قائل بأن وضع رسوم جمركية على المنتجات المستوردة لإحلال إنتاج محلّي مكانها سيزيد من كلفة المعيشة. نعم هذا ما سيحصل لكن رفع الحد الأدنى للأجور والذي يليها رفع تلقائي للأجور عموماً سوف يسدُّ هذه الثغرة. فكم من مرة إضطرت الحكومة لرفع الحد الأدنى للأجور بسبب غلاء قيمة المستوردات. فلِما لا تعتمد ذات الوسيلة لإنصاف الناس بسبب الغلاء المتأتي من الرسوم الجمركية على المستوردات؟

هذا هو الحل للمعضلة الإقتصادية الملحّة دون إغفال واجبات الدولة في حل مشكلة الكهرباء والنفايات والبنى التحتية من طرقات وسدود والشؤون البيئية والتنقيب عن النفط والغاز وغيرها.

Add your comment Here

Your email address will not be published.