Blog-Image

كتاب مفتوح لمجلسي الوزراء والنواب

May 20, 2019 Musa Freiji Articles

في سعيها الدؤوب لتخفيض العجز بالموازنة لعام 2019 يبدو أنّ تركيز الحكومة منصبّ على تخفيض النفقات غير المثمرة وزيادة الواردات من حيث أمكن دون التنبّه إلى تحفيز الإستثمار في القطاعات الإقتصادية وخاصة الإنتاجية منها.

لا تقتصر مشكلة لبنان الإقتصادية على العجز بل تتعداه وتفوقُه أهمية في حل مشكلة البطالة المستشرية والتي فاقت 30% وهجرة الكفاءات التي تزيد عن 25,000 متخرج جامعي سنوياً. فهذه لا يمكن حلّها إلاّ عن طريق تحفيز الإستثمار في القطاعَين الزراعي والصناعي ونقل لبنان بصورة تدريجية إلى بلد صناعي زراعي بإمتياز خاصة وأن القطاعات الحكومية والخدماتية متخمة بالموظفين.

يبدو أن جلّ القيّمين في الدولة على الشأن الإقتصادي والمالي يعتبرون أن اتفاقيات التبادل التجاري الحرّ التي كبّل لبنان نفسه فيها إنما هي شؤون مقدّسة لا يمكن المساس بها خشية غضب الدول المصدِّرة إلى لبنان عربيةً كانت أو أجنبيّة.

هل غضب الدول الموردة إلى لبنان المعفاة من الرسوم الجمركية هو أهم من غضب المواطنين الذين لا يجدون عملاً وإن وجدوا فدخلهم لا يكفي إلتزاماتهم الضرورية؟

هل تحرُّك الدولة بإتجاه تخفيض العجز التجاري ولو جزئياً فسحاً في المجال لتحفيز الإستثمار في إنتاج مستوردات يمكن إنتاجها في لبنان جريمة لا تغتفر؟

في دراسة سابقة لي عام 2015 بيّنتُ فيها بأن زيادة الرسوم الجمركية على 33 فصل جمركي لمواد مستوردة سوف تمكّن لبنان من تحفيز الإستثمار في مستوردات قيمتها 5,4 مليار دولار من أصل 7,2 مليار وبرأسمال قدره خمسة مليارات دولار وتوفير خمسين ألف فرصة عمل جديدة. ما زال هذا الإستنتاج قائماً حتى الآن.

في سعيها لزيادة الواردات يمكن للحكومة إعتماد رفع الرسوم الجمركية على مستوردات قيمتها 10 مليارات دولار من معدل 5% إلى معدّل 50% فوراً. هكذا إجراء يمكّن الدولة من توفير 4,5 مليار دولار في السنة تخفّض تدريجياً مع الخوض في الإستثمارات في الحقول المحميّة والتي توفر فرص عمل وتحقق ضريبة دخل ورسوم للدولة لا تقل عن ملياري دولار سنوياً.

هكذا مدخل لا يساهم في تخفيض العجز بالموازنة فحسب بل يحل مشكلة البطالة ويمكّن الإستثمار ويضع لبنان على طريق الإكتفاء الذاتي غذائياً ولو جزئياً وعلى الخوض في التصنيع في مجالات كالأثاث والملبوسات والأحذية والأدوية والآلات المنزلية وغيرها الكثير، ناهيك عن تحريك النشاطات المكمّلة من خدمات مختلفة.

تجميد العمل بإتفاقيات التبادل التجاري الحر هو مطلب ملحّ وضرورة لرفع مستوى الرسوم الجمركية وتصحيح الوضع الإقتصادي والمالي.

ربّ قائل بأن زيادة الرسوم الجمركية على المستوردات سوف يزيد من كلفة المعيشة وهذا أمر صحيح. لكن أي زيادة في كلفة المعيشة سواء أتت من زيادة في أسعار المستوردات أو من إجراءات ضريبية للدولة تقتضي بالضرورة  إلى رفع الحد الأدنى للأجور وزيادة عادلة في الأجور الأخرى.

                                    موسى فريجي

                             mfreiji@tanmia.com.lb                   

                              www.musafreiji.com    

20/5/2019

Add your comment Here

Your email address will not be published.