Blog-Image

هل فعلاً يُهرّب الدولار الى سوريا؟

June 29, 2020 Musa Freiji Articles

روّجت العديد من التعليقات على أنّ أحد أهم أسباب تراجُع قيمة الليرة اللبنانية أمام الدولار هو تهريب الدولار الى سوريا. فهل هذا صحيح؟

من المعروف أنّ النظام في سوريا لا يسمح بإدخال أي نوع من أنواع العملات سوى العملة السورية بصورة تلقائية لا قيود عليها. إنما تقضي سياسة النقد السورية بأنّ كل حامل لعملة أجنبية، من أي نوع، عليه أن يُصرِّح عنها عند معابر الدخول جميعها.

منذ سبعينيات القرن الماضي وحتى الآن، وبسبب القيود المختلفة والمتفاوتة على سوريا،إضافةً الى عدم وجود عملة صعبة كافية لتغطية حاجات سوريا الإستيراديّة، درج المستوردون السوريون على نقل الليرات السورية الى لبنان، خلافاًلسياسة منع ذلك، عن طريق تُجّار العملة العاملين بين البلدَين، وشراء العملة الصعبة المتوفّرة وذلك من أجل فتح إعتمادات وتحويلات لتغطية قيمة مستورداتهم الى سوريا.

غضّت السلطات السورية الطرف عن هذا الإجراء من أجل تسهيل أمر إستيراد الحاجات الضرورية الى سوريا، لكنها في المقابل، أصرّت على أن تحوّل مستندات الشحن الى المصرف التجاري السوري. فمن أجل استلام المستندات وبالتالي تخليص شحنة البضائع المسوردَة من المرافئ السورية أو من معابر الحدود، يتوجّب على المستورِد التوقيع على مستند صريح يؤكّد أنّ تمويل البضاعة المستوردَة تمّ من مدخرات المستورِد خارج القطر العربي السوري.

فما مصير الليرات السورية التي تمّ تهريبها الى لبنان؟

كانت وما زالت مطلب العمال والعاملين السوريين في لبنان وعددهم، عدا النازحين، كان يُقارب المليون عامل منذ عام 1990 وحتى يومنا هذا.كانت وما زالت قيمة تحويل الدولار أو الليرة اللبنانية التي يقبضها العاملون السوريون الى ليرات سورية هي الأعلى لدى الصيارفة في لبنان منها في سوريا.ناهيكم أنّ نقل الليرات السورية الى سوريا مُباح قانوناً بينما نقل الليرات اللبنانية أو العملة الصعبة الى سوريا خاضع للتصريح عنه عند معابر الحدود أو المرافئ السورية وبالتالي عرضة للتحويل المباشر لحامله بالسعر الرسمي لهذه العملات.

أمّا قيمة الصادرات السورية فكانت تخضع بصورة جازمة الى تحويل قيمتها بالعملة الصعبة الى حساب المصدّر في سوريا ويقوم المصرف التجاري السوريبقيد الجزء الأكبر من هذا التحويل في حساب المصدِّر بذات العملة الصعبة ويتمّ تحويل الجزء المتبقي الى ليرات سورية بالسعر الرسمي المعتمد تُدفع أو تسجّل بحساب المصدِّر.

يبقى التطرّق الى حاجة الحكومة السورية للعملة الصعبة لحاجات مستورداتها المحصورة بها قصراً. فهذه كانت تؤمَّن جزئياً من تحويلات الصادرات كما أسلفنا، والباقي من الشراء من السوق السوداء. لكن الآن، ومع تطبيق قانون قيصر ووقف تعامُل معظم مصارف العالم من المصارف السورية، أصبح من غير المجدي نقل الدولارات الى سوريا أن كانت تلك المشتراة من الصيارفة اللبنانيين، أو حتى قيمة البضائع السورية المهرّبة الى لبنان. بل أصبح المُضيّ في إستخدامها من لبنان مباشرةً لتلبية حاجات المستوردات السورية الخاصة أو الرسمية على حدّ سواء. تجد هذه المستوردات طريقها الى سوريا، إمّا ترانزيت أو بسحرِ ساحر.

المهندس موسى فريجي

musa@musafreiji.com

www.musafreiji.com

29/6/2020

Add your comment Here

Your email address will not be published.