Blog-Image

الهرب من المواجهة جُبنٌومَكرٌ كبيرَين

September 02, 2022 Musa Freiji Articles

تحاول الحكومات المتعاقبة في لبنان حلّ المشاكل المالية والإقتصاديّة والمعيشيّة والصحيّة وغيرها منذ سنين دون جدوى. فهي تتعثّر لأسباب عديدة منها الفساد والمحسوبيّات والتنفيعات. لكن أهمّها الجهل في إستنباط الحلول أو إعتماد الصالح منها.

وبسبب العجز في الإستمرار بسياسة الدّعم التي أدّت الى القضاءعلى الإحتياطي الإلزامي لدى مصرف لبنان والعائد للبنوك العاملة في لبنان وللمودِعين، إرتفعت كلفة معيشة المواطن بصورة كبيرة.اضطرّالقطاع الخاصّ الى أن يتكيّف ويتعايش مع هذا الوضع عن طريق إستخدام التحويلات التي ترِدُه من خارج لبنان وعن طريق زيادة الرواتب وأجور الخدمات. وها هو مستمرّ في مجاراة الوضع بالّتي هي أحسن.

بقِيت المشكلة لدى القطاع العامّ من جيش وأمن داخلي وموظفي الدولة على كافّة الصُعد. فقد عجزتالدولة عن رفع أجورهم لمواكبة الزيادة في كلفة المعيشةعلى غرار القطاع الخاص،فلجأوا الى الإضراب والاعتكاف عن العمل. نتج عن ذلك أن شُلّت الدولة شللًا شملَ القضاء والموظفين عامّة. لم يبقَ من موظفي الدولة عاملًا سوى الجيش وقوى الأمن الداخلي بسبب ترتيب أوضاعهم بالحدّ الأدنى من خلالإعانات ترِدُها من خارج لبنان.

إنّ عجز الدولة عن رفع أجور موظفيها ناتجٌ عن عدة أسباب جوهرية ومن بينها عدم قدرتها على تحصيل رسوم وضرائب كافية. فقد كبّلت الحكومات المتعاقبة نفسها بعدم اللجوء الى أي إجراء يؤدي الى زيادة الأعباء على المواطن.يأتي في مقدمة هذه الأعباءفرض الضرائب على بعض المستوردات وخاصّة الكماليّة منها أو تلك التي يمكن للإنتاج المحلّي الحلول محلّها.

يعود التردّد في اللجوء إلى الرسوم الجمركية الى الجهل والى الاسباب التالية:

1- سيطرة المستوردين وخاصّة أصحاب الوكالات الحصريّة على القرارات الاقتصاديّة للدولة، والذين من مصلحتهمأن يبقى لبنان بلدًا ريعيًّا.

2- الوهم بأنّ الرسوم الجمركيّة ستؤدي الى زيادة في كلفة المعيشة والى إحداث التضخّم، وكأن كلفة المعيشة لم ترتفع بسبب وقف الدعم عن منتجات كالمحروقات والعديد من الأدوية والخبز والطاقة الكهربائيّة والخدمات المختلفة.

3- عدم اكتراث الحكومات المتعاقبة الى هجرة الكفاءات وعدم الإعتراف بالكلفة الباهظة التّي تترتّب على تربيتهم وتعليمهم ثمّ تصديرهم لخدمة بلدان الإغتراب بدلًا من خدمة الوطن. ذلك أنّ الرسوم الجمركية المدروسة وخاصّة على منتجات يمكن إنتاجها في لبنان هو العامل الأفعلفي تحفيز الاستثمار وبالتالي خلق فرص العمل للنشء الصاعد ولجم مستوى البطالة.

4- تدخّل الدول الغربيّة لعدم تحرير لبنان من التبعيّة والإرتهان لمشيئتها والإبقاء على مستوى استيراده منها.

5- ربَّ قائلٍ بأن وضع الرسوم الجمركيّة ينتج عنه التهريب والتهرّب من القيمة الحقيقيّة للمستورَد من البضائع. جوابي على هكذا تخوّف هو أن حدودنا البريّة هي مع اسرائيل التي أحاطت حدودنا معها بالأسمنت والحديد، ومع سوريا التي تضع الرسوم الجمركيّة المرتفعة على كلّ ما يمكن انتاجه في سوريا. وبالتالي فإنّ مسألة تهريب بضائع رخيصة الثمن مردود عليها. أمّا التلاعب بالقيمة الحقيقيّة للبضائع المستورَدة فعلاجه قيام السلطات الجمركيّة بالتحرّي عن الأسعار الحقيقيّة للبضائع المستورَدة ووضع قوائم معتمدة للحدّ الأدنى للرسوم دون اعتماد أسعار الفواتير المرافقة.

وعليه، لن يستقيم الوضع الإقتصادي في لبنان إلّا بتفعيل الرسوم الجمركيّة المؤثّرة والتي تلجم الإستيراد وبالتالي تحفّز الإستثمار وتوفّر فرص العمل وتؤمّن الرواتب المحقّة للقطاع العامّ، كل ذلك دون اللجوء الى الإقتراض لا من البنك الدولي ولا من غيره.

2/9/2022

Add your comment Here

Your email address will not be published.