تصريح لصوت لبنان

January 08, 2014 Musa Freiji Articles

تعالَت في الآوِنة الأخيرة أصوات كثيرة حول بيع المسيحيّين لأراضيهم وإعتبار ذلك تفريغاً مُمنهجاً للمسيحيّين في لبنان.

ولا أدري إذا كان هذا الإستنتاج صحيحاً حيث يصعُب التدليل على منهجيّة تهجير المسيحيّين بشكلٍ قاطع خاصةً وأنّ الإحصاءات تدلّ على هجرة لبنانيّة تشمل المسيحيّين والمُسلمين على حدٍّ سواء. ما يهمّني كمحلِّل إقتصادي هو التركيز على أسباب بيع الأراضي وأسباب الرّغبة في هجرة اللبنانيّين لأي مذهبٍ أو طائفةٍ إنتموا.

من الواضح أنّ الإرغام على البيع غيرُ ثابت ولا هو موثّق. وعليه فإنّ البيع والشراء يتمّ برغبة الطرفَين. فالرّاغب في الشراء يتصرّف بدافع الحاجة للأرض أو يتحيّن فرصة زيادة سعرها لإعادة بيعها. أمّا الرّاغب في البيع فلِحاجتِهِ لِثمنها كي يستثمرَه في مكانٍ آخر أو لرغبتهِ في الهجرة والإستقرار في بلاد المهجر الواسعة.

إذاً علينا أن نُحلّل سبب الرّغبة في الهجرة والتي هي الأكبر بين الأسباب التي تستدعي بيع أراضي اللبنانيّين عامةً والمسيحيّين منهم بوجه الخصوص. لا شك أنّ الحالة الأمنيّة والسياسيّة هي حافز كبير لإقدام الناس على الهجرة.

لكنّي أرى أنّ ندرة فرص العمل في لبنان هي الحافز الأهمّ. فاللبنانيُّ مغامرٌ يهاجر الى أصقاع الأرض حتى تلك غير الآمنة في أفريقيا وجنوب أميركا سعياً وراء العمل والكسب. لذلك فإنّ العامل الأمنيّ قد لا يكون سبباً كافياً لِهجرتهِ.

إنّما عامل قلّة فرص العمل هو العامل الأهمّ. وقلّة فرص العمل هذه هي نتيجة مباشرة لقلّة فرص الإستثمار في لبنان.

فالحكومات المُتعاقِبَة منذ 1992 حتى الآن درجَت على إتّباع سياسة الإنفتاح المُفرِط وتوقيع إتفاقيّات التبادُل التجاريّ الحرّة وتخفيف الرّسوم الجمركيّة على البضائع المُستوردة سواء يُنتَج مثيلُها في لبنان أم لا.

نظراً للكلفة المُرتفعة للمنتجات الصناعيّة والزراعيّة في لبنان ونظراً لإعتماد الدول المصدّرة سياسة دعم الإنتاج ودعم التصدير لديها فيُصبح حينئذٍ من المستحيل على الإنتاج اللّبناني منافسة المُستورَد.

إنّ هذه السياسة الرّعناء قد أدّت الى إقفال العديد من الصناعات والتوقف عن العديد من الزراعات في لبنان وأوصلَت لبنان الى بلدٍ يعتمد على الإستيراد لدرجة أنّه بلغت إستيراداتُنا للمواد الغذائيّة 80 % من حاجتِنا منها وبلغ العجز التجاري 16 مليار دولار سنوياً.

لذلك يُمكن الإستنتاج على أنّه ما لم تُعدِّل الحكومات اللاّحقة سياستها الإنفلاشيّة وتعتمد سياسة الحماية الجمركيّة لِصناعاتٍ وزراعاتٍ بعينها، فلن تتوفَّر فرصُ الإستثمار في لبنان وبالتالي لن تتوفّر فرص العمل لِمُحتاجيها وسيتواصل بيع الأراضي وتتواصل الهجرة.

Add your comment Here

Your email address will not be published.