Blog-Image

خطة متكاملة لإعادة لبنان إلى بلد منتج

May 05, 2021 Musa Freiji Articles

في خضم الحديث والتعليقات والاحتجاجات عن الأوضاع السياسية والمالية والإقتصادية المتردّية في لبنان منذ 17/10/2019 حتى الآن، يطغو عامل تفعيل القطاعات الإنتاجية على وجه المطالب بعد أن استشعر اللبنانيون فداحة السياسة الاقتصادية الريعيّة المعتمدة منذ عام 1992.

الظواهر العميقة لهذا الاستشعار تكمن في هجرة الكفاءات وخرّيجي الجامعات، وهم العمود الفقري لمستقبل لبنان، وفي ارتفاع معدّل البطالة التي وصلت إلى 50% في المدن والأرياف على حد سواء نظراً لندرة فرص العمل.

ندرة فرص العمل وهجرة الكفاءات هي وليدة سياسة ممنهجة تمَّ إعدادُها من الدول الغربية بعناية فائقة وخبث لا مثيل له، كي يبقى لبنان مستعمراً إقتصادياً، ونتيجة جهل المسؤولين السياسيين من مجالس وزراء ومجالس نوّاب تعاقبوا على إدارة شؤون لبنان منذ عام 1992 حتى اليوم.

وعليه، فإنّ هذا البحث يلقي الضوء على الأمور التالية التي تقضي بالنهاية الى خلاص إقتصاد لبنان:

-أسباب هذا الإنهيار. -الحلول العمليّة. - تأثيرهكذاسياسةعلىالتصدير. - مصادرتمويلالقطاعاتالإنتاجية.

أولاً: تتلخص الإجراءات الخبيثة بالتالي:

1. إعداد قانون حماية الانتاج الوطني وقانون حماية المستهلك على يد محامين مأجورين من الوكالة الأميركية USAID يجعل إستحالة الحماية من جهة وتيئيس المُنتجين اللبنانيين من الجهة الاخرى. (لدي دراسة منفصلة ومفصّلة حول هذين القانونين ومساوِءهما).

2. توقيع اتفاقيات تبادل تجاري حرّ مع مجموعات وهي اتفاقية المنطقة العربية الحرة، واتفاقية اليورو متوسطية، وإتفاقية الاتحاد الأوروبي.

3. مفاوضة منظمة التجارة العالمية WTO للدخول كعضو دائم. كانت شروط المنظمة قاسية وفرضت على لبنان تخفيض الرسوم الجمركية إلى معدّل دون 5% على كل المستوردات. ثم جاءت الولايات المتحدة لتعترض على عضويّة لبنان الدائمة كونه لم يخفض الرسوم الجمركية عن النبيذ المستورد ولحم الدواجن وغيرها فظلّ لبنان عضواً مراقباً حتى الآن.

4. تحرير مجلس النواب لِقوانين ملزمَةعلى لبنان لتبنّي الإتفاقيات المذكورة أعلاه.

5. توقيع اتفاقيات تبادل تجاري مع دول منفردة منها الكويت والمملكة العربية السعودية ومصر وسوريا والأردن وغيرها معظمها تساير مصلحة الدول الاخرى.

نتج عن كل هذه الاتفاقيات والقوانين، وبسبب المنافسة الشرسة للمنتجات المستوردة، أن أقفلت في لبنان صناعات عديدة كصناعة الملبوسات والأحذية ومعظم الأدوية والأثاث. كما توقفت زراعات عديدة كالعدس والحمص والشمندر السكري والفول والقمح (إلى حدّ كبير) والذره والشعير وتربية الأبقار الحلوب وتسمين العجول وتربية النحل وغيرها الكثير.

أمّا سبب المنافسة الشرسة للمنتجات المستوردة وخاصة الزراعية والغذائية منها فهو دعم هذه المنتجات ودعم تصديرها من بلدان منشأها، الأمر الذي يجعل أسعارها واصلة إلى لبنان أقل من كلفة انتاجها في هذه البلدان المصدّرة إلى لبنان. وعليه فإن المنافسة غير متكافئة مع قدرة اللبنانيين على الإنتاج بظل عدم قدرة لبنان دعم منتجاته الصناعية والزراعية كي تواجه منتجات مستوردة مدعومة.

ثانياً: فما هو الحل إذاً؟

الحل يكمن في الاجراءات التالية:

1. تعديل قانونَيّ حماية الانتاج الوطني وحماية المستهلك بحيث يصبحان قادرَين على تشجيع الإنتاج الوطني على حساب المستورد.

2. تجميد العمل بكل اتفاقيات التبادل التجاري الحرّ لمدة لا تقل عم 15 سنة بحجة مرور لبنان بوضع اقتصادي صعب للغاية.

3. وضع رسوم جمركية على كل منتج ينتج أو يمكن أن ينتج في لبنان لا تقل عن 50% وقد تصل إلى 100% للكماليات والسيارات الفخمة.

4. رفع الحدّ الأدنىللأجور، نتيجة الاجراء الجمركي أعلاه، الى 1,5 مليون ليرة وزيادة الأجور الاخرى بالتوازي حتى أجر الـ 10 ملايين كحد أقصى.

5. تمويل زيادة أجور القطاع العام من دخل الرسوم الجمركية على المستوردات ريثما يحلّ الإستثمار في القطاعات الإنتاجية وتحل بالتالي الرسوم والضرائب على المنتجات المحلية.

ثالثاً: تأثير هكذا سياسة على التصدير

قد يعارض المصدّرون إجراءات الحماية الجمركية وتجميد العمل بإتفاقيات التبادل التجاري الحرّ لأنها يمكن أن تؤثر في مستوى الصادرات.

الجواب على هكذا إعتراض يكمن بالتالي:

1. تراوحت صادرات لبنان خلال العشرين سنة من هذا القرن ما بين 20% و12% فقط من حجم الواردات وتدنّت إلى حدود 12% خلال السنوات الثلاث الأخيرة.

2. واجه المصدّرون عقبات كبيرة بسبب اجراءات تعسفية من العديد من الدول الموقع معها اتفاقيات تبادل تجاري حرّ.

3. لا يمكن التضحية بمبدأ إعادة لبنان الى بلد منتج من أجل حجم تصدير منخفض مدعوم تصدير زراعته بكلفة سنوية تزيد عن 600 مليون دولار.

رابعاً: مصادر تمويل القطاعات الإنتاجية

يتردّد أن المصارف في وضعها الحالي قد لا تستطيع أو هي غير راغبة في تمويل المشاريع الإنتاجية المستحدثة.

إن الحافز الرئيس في الإقدام على الاستثمار في أي قطاع أو أي مشروع هو هامش الربح المتوقع من هكذا إستثمار. فبمجرّد التأكد من فرص نجاح أي مشروع، وخاصة في ظل الحماية الجمركية الفاعلة، سوف نرى اللبناني المعروف عن جرأته في الإقدام على إحياء المشاريع يأتي بالتمويل اللازم لمشروعه إمّا من مدخراته أو من ذويه خارج لبنان أو من أموال التجار التي كانت تموِّل الإستيراد بمبالغ نقدية بحوزتهم فاقت الخمس مليارات دولار حتى في عزّ الأزمة الاقتصادية الحالية. إضافة إلى ذلك سوف نرى المصارف مع الوقت تعيد تمويل ذاتها وتساهم في تمويل المشاريع الإنتاجية في ظل تضييق الخناق على الاستيراد.

خامساً: الخلاصة

خلاص إقتصاد لبنان يكمن في تفعيل القطاعات الانتاجية وهي الخزّان الأهم في استيعاب الكفاءات والخريجين والعاطلين عن العمل. وهؤلاء سوف ينهضون بالإقتصاد الى مستويات مرموقة، وينكبّون على الإبداع والتطوير، ويساهمون في تحقيق الأمن الغذائي، ويُحسِّنون النوعية، ويخفّفون الكلفةويصلون في النهاية الى تفعيل التصدير.

Add your comment Here

Your email address will not be published.