دور المزارعين والحكومات في تفعيل إجراءات الأمن الحيوي

September 01, 2014 Musa Freiji Articles

توطئة إنّ بروز مرض انفلونزا الطيور ومرض النيوكاسل عالي الضراوة أثّر تأثيراً بالغاً على صناعة الدواجن التجارية وعلى الدواجن بالأرياف والمنازل على حدّ سواء. معظم إنتشار المرض حدث بسبب غياب إجراءات الأمن الحيوي أو بأحسن الأحوال بسبب إجراءات منقوصة على يد المربّين.

مع أن إجراءات الإعدام التي تفرضها سلطات بعض الدول أو التحصين الذي سمحت به خففّت من إنتشار المرض حتى الآن، يبدو انّ عدم كفاية الأمن الحيوي ما زالت تبقي الفيروس منتشراً والمرض يهدّد وبشكل خاص الدواجن في الأرياف. وعليه فإن العلماء والمسؤولين الحكوميّين قلِقون على إمكانية تحوّر فيروس إنفلونزا الطيور إلى وباء ينتقل من إنسان لآخر. يثير هذا القلق الحكومات، وخاصة في الدول النامية والفقيرة، أن تأخذ إجراءات متسرّعة وعنيفة تجاه مربيّ الدواجن، وخاصة في القطاع التجاري، الأمر الذي يؤثر في مستوى الإنتاج دون أن يقلل من إنتشار المرض.

لم نشهد حتى الآن إجراءات حاسمة على يد أي حكومة في العالم من أجل إلزام التحصين حيثما كان ضرورياً أو إلزام إجراءات الأمن الحيوي، وذلك من أجل التخفيف من إمكانيات إنتشار فيروس إنفلونزا الطيور وبالتالي إمكانيات تحوّره أو إنتشار فيروس النيوكاسل عالي الضراوة.

سوف تعالج هذه الورقة إجراءات الأمن الحيوي التفصيلية والتي يجب أن تكون الزامية بالتشريعات والتطبيق خاصة في الدول النامية، حيث التعويض العادل في حالة الإصابة أو قرار الإعدام صعب التحقيق وبالتالي تصبح سياسة الإعدام غير ذي جدوى. سوف تبيّن الورقة دور منظمة الأغذية والزراعة والمنظم العالمية لصحة الحيوان في هذا الشأن وتُسلّط الضوء على ضرورة التوصل إلى سياسات يمكن للدول ان تعتمدها. تعريف الأمن الحيوي

لدى مراجعة أدبيات الأمن الحيوي يجد المرء تعريفات تشمل سلامة الغذاء، الإرهاب الحيوي، إدارة مخاطر الأمراض النباتية وأمراض الحيوان. لقد ذهبت منظمة الأغذية والزراعة إلى حدّ شمل إدخال وإطلاق المواد المحسنة جينياً تحت إجراء الأمن الحيوي. بالنسبة لمنظمة الأغذية والزراعة فالأمن الحيوي تعرّف بشكل واسع وشمولي عملية وهدف إدارة المخاطر الحيوية المرتبطة بالغذاء والزراعة.

"الحيوي" تعني الحياة و "الأمن" يوحي بالحماية. إذاً الأمن الحيوي يشير إلى برامج مصمّمة لحماية حياة الإنسان والحيوان وحتى النبات. الأمن الحيوي هو مفهوم حديث نسبياً ومصطلح يتطوّر.

بالنسبة للدواجن، يمكن تعريف الأمن الحيوي على أنه إجراء أو مجموعة برامج تهدف إلى الحدّ من أو منع دخول وإنتشار الأمراض والحشرات لمزارع الدواجن والقطعان وكذلك لمنع تلوث منشآت الإنتاج بالكائنات الضارة.

إجراءات الأمن الحيوي الهامة

برامج عديدة تمّ تطويرها على مرّ السنين للتخفيف من عدوى قطعان الدواجن أو للتخفيف من تلويث لحم الدواجن ومصنعاتها وبيض المائدة. أجهزة حكومية مختلفة ومنظمات عالمية ورابطات تعود للصناعة، كلهم وضعوا برامج الأمن الحيوي لجزئيات ومنشآت صناعة الدواجن، كلّها هدفت للتخفيف من أصابات الدواجن الحية أو تلوّث منتجاتها الصالحة للإستهلاك.

تستند معظم هذه البرامج على تقويم مخاطر كل قطاع أو حالة وقد تمّ تعديلها كلما تغيّرت المخاطر. لكن المخاطر الأكثر شيوعاً هي التالية:

1. مزارع الدواجن

- موقع المزرعة: بعدها عن المزارع المجاورة أو الطرقات العامة أو مجاري المياه. فكلما بعدت كان أفضل. - الإنشاءات: نوعية جيدة معزولة، مرتفعة عن الرطوبة، محكمة الإغلاق تمنع دخول العصافير والقوارض، ذات تهوئة مناسبة، مدفأة أو مبردة. - السياج: عليه ان يكون محكماً بحيث يمنع دخول الحيوانات البرّيّة أو الأليفة للموقع. - الطرق والمماشي داخل الموقع: يجب ان تكون إسمنتية بحيث يسهل تنظيفها وتعقيمها بصورة دائمة. - مساكن الموظفين والعمال: عليها ان تكون داخل حرم المزرعة للتخفيف من الحركة من وإليها. - طعام العاملين: عليه ان يتعرض للتعقيم بالأشعة فوق البنفسجيّة قبل تمريره لداخل المزرعة. - خزانات العلف: من المستحسن وضعها قريباً من السياج بحيث تستطيع سيارات العلف السائب تفريغ العلف إليها من فوق السياج دون الحاجة للدخول إلى حرم المزرعة. - السيارات: يجب إبقاؤها خارج سياج المزرعة. عند الحاجة لدخولها يجب تنظيفها وتعقيمها جيداً. - الزوّار: يجب عدم السماح لهم بدخول المزرعة. - المعدّات: عليها أن تعقّم قبل إدخالها للمزرعة وعليها ان تكون جديدة أو مصانة جيداً بحيث لا تحتاج إلى صيانة متكررة. - مركز الإستحمام: يجب أن يكون جيّد الإنشاء بمحازاة السياج مع فصل واضح لبهو الدخول عن بهو الخروج. يجب أن يكون مزوّداً بخزائن للثياب المستعملة والنظيفة وبغسّالة للثياب واخرى للأحذية البلاستيكية. - العاملين: عليهم الإستحمام وتغيير كامل ملابسهم قبل دخول المزرعة. كما عليهم عدم إقتناء الدواجن في منازلهم. - النجارة ووسائل التوضيب: على هذه الأشياء أن تكون غير مستعملة ويتم إستقبالها في مخزن خاص بمحازاة السياج وتعريضها للتعقيم بغاز الفورمالين أو أي غاز معقم آخر ولمدة بضعة أيام قبل السماح بإستخدامها في المزرعة. - التعامل مع بيض التفريخ أو بيض المائدة: يجب حفظ هذا الإنتاج في مخزن مبرّد مبني خصيصاً لهذه الغاية بمحازاة السياج بحيث يمكن تسليمها للسيارات الناقلة وهي خارج حرم المزرعة. - القوراض: يجب مكافحتها ليس لمنعها من دخول عنابر الدواجن فحسب، بل بوضع السموم لها في حرم المزرعة وإحاطة العنابر بالحصى وبالمصايد وكذلك عن طريق إستخدام آلات تبعث أصواتاً مزعجة لها تمنعها من الإقتراب من المزرعة. - الذباب والخنافس: يجب مكافحتها داخل وخارج العنابر بالمصايد والمبيدات. - الطيور البرّيّة: يجب عدم تشجيعها من الهبوط في حرم المزرعة عن طريق منع تبعثر العلف وعدم زراعة الأشجار والخضار وعدم رمي القمامة وكذلك عن طريق إستخدام آلات تبعث أصواتاً مزعجة لها تمنعها من الإقتراب من المزرعة. - الكلاب والهررة: يجب عدم السماح لها من الدخول أو العيش بداخل حرم المزرعة. - دفن الطيور النافقة: يجب بناء مدافن جيدة داخل حرم المزرعة وإبقاء هذه المدافن مقفلة بطريقة محكمة. - الأعمار: على المزرعة أن تقتني عمراً واحداً فقط. - أنواع الطيور: نوع واحد فقط هو المسموح بإقتنائه بالمزرعة الواحدة. - مصدر الصيصان / الكتاكيت: على الصيصان / الكتاكيت أن تكون خالية من الأمراض السارية وخاصة تلك التي تنتقل رأسياً بواسطة بيضة التفريخ من الأم. - الكثافة: يجب إعتماد كثافة من الطيور تتماشى مع المساحة الأرضية او مساحة الأقفاص، ومع مقدار المعدات ومقدار التهوئة والتدفئة والتبريد. - العلف: يجب إستقبال العلف المعقّم وخاصة بواسطة الحرارة العالية منقول بواسطة سيارات نظيفة محكمة الإغلاق. - الماء: على مصدر الماء ان يكون نظيفاً خالٍ من البكتيريا والفطريات. على خزّان الماء أن ينظف ويعقم بصورة دورية. - التحصين: يجب التحصين لكافة الامراض الفيروسية المنتشرة في المنطقة، وإعتماد فحص المناعات المكتسبة لتحديد مواعيد إعادة التحصين. - القمامة: على القمامة أن تحرق في مكان محدد داخل حرم المزرعة. وعلى البيض التالف أن يدفن بالمدفن المخصص للطيور النافقة. - تفريغ المزرعة من الطيور والسّماد: لما كان إعتماد العمر الواحد من الأسس في التربية السليمة فأنه سيسهل بيع أو نقل الطيور والسماد كلما حان الوقت لذلك مع ضرورة إبقاء المزرعة خالية بعد تنظيفها وتعقيمها مدة لا تقل عن أسبوعين. - التنظيف بعد التفريغ: على التنظيف الكامل والتعقيم الجيد أن يشمل العنابر والمعدات والمجاري وسكن العاملين والمكاتب ومراكز الخدمات وخزانات العلف والمخازن والطرقات والممرّات وخلايا والتبريد والمراوح الخ ... - صيانة المعدات: عليها ان تتم بصورة كاملة قبل إعادة تسكين القطعان الجديدة. - تخمير السماد: ينصح بإعتماد هذا الإجراء على قطعة أرض مخصّصة لهذه الغاية بعيدة عن المزرعة. - حفظ السجلاّت: هي من الأمور الهامة من أجل تحليل النتائج وتحديد المشاكل ومتابعة حلّها. - برامج تثقيفية: على الإدارة السليمة ان تعتمد اسلوب تحديث معلومات العاملين وخاصة في شأن الأمن الحيوي وتعريفهم على أسباب وأهمية هذا الجانب. - المسحات: يجب أخذها بصورة دوريّة من البيض والقصبات الهوائية والشرج من أجل فحصها بكتيرياً وفطريّاً. - مسحات الهواء وعينات السواد: تؤخذ بصورة دورية من العنابر لفحص وجود البكتيريات وخاصة السلمونيلا والفطريات وخاصة الأسبرجيللوس. - فحص العاملين: على العاملين ان يتعرضوا إلى إختبار خلوِّهم من السلمونيلا في مختبرات متخصّصة على أن يتمّ الإستغناء عن المصابين منهم. - شهادة الهاسب/ تحديد المخاطر: على المؤسسات ان تحصل على هذه الشهادة الإلزامية للتأكد من إعتمادها كافة إجراءات الأمن الحيوي.

2. المفاقس / معامل التفريخ

- إنّ ذات الإجراءات التي تنطبق على المزارع لجهة: الإنشاءات والسياج والطرق والمماشي ومساكن العاملين والزوار والمعدات ومركز الإستحمام والعاملين والكلاب والهررة والماء وحفظ السجلات والبرامج التثقيفية وفحص العاملين وشهادة الهاسب، كل هذه الإجرءات تنطبق أيضاً على المفاقس تماماً.- على أرضيات المفاقس أن تكون مكسيّة ببلاط الجرانيت أو بطبقة سميكة ومحكمة من الأيبوكسي. على جدران كل غرف المفقس أن تكون مكسية ببلاط السيراميك. كل ذلك من أجل سهولة تنظيف وتعقيم المفقس بصورة دائمة.- على السيارات المخصصة لنقل بيض التفريخ من المزارع أو تلك المعدة لنقل الصيصان / الكتاكيت من المفقس إلى المزارع أن تتعرض للغسل الجيد والتعقيم الكامل كلما غادرت المفقس أو عادت إليه.- على صناديق نقل الصيصان البلاستيكية أو صناديق بيض التفريخ وصواني بيض التفريخ البلاستيكية وعرباتها أن تغسل وتعقم قبل مغادرتها المفقس أو إعادتها له.- على مخلّفات المفقس من بيض تفريخ وقشور البيض والكتاكيت النافقة أو المعدمة أن توضع في أكياس بلاستيكية سميكة وترسل إلى مراكز الطمر العامة أو إلى معامل تحويل مخلفات المجازر الصلبة.- يجب التركيز على تنظيف وتعقيم الفقّاسات وغرفها بصورة جيّدة بما في ذلك الشفّاطات ومجاري الهواء بعد كل فقسة.- على المفقس أن يكون مصمّماً بحيث يلزم الحركة بإتجاه واحد من مركز إستقبال بيض التفريخ إلى منطقة تسليم الصيصان مع فصل العاملين فصلاً كاملاً بين المنطقة النظيفة أي منطقة إستقبال بيض التفريخ وحفظه بالثلاجات وإيداعه بالحضانات والمنطقة المتّسخة التي تشمل غرف المفرخات وفرز الكتاكيت وتحصينها وحفظها وتسليمها.

- يجب تنفيذ إجراءات التحصين والتجنيس والفرز والعدّ بطريقة متقنة على يد فِرق مدرّبة تدريباً جيداً.- يجب أخذ مسحات بصورة دورية منتظمة من بيض التفريخ وأرضيات وجدران غرف المفقس جميعها وأرضيات وجدران المفرخات وطاولات العمل والشفاطات ومجاري الهواء وذلك لفحصها والتأكد من خلوّها من البكتريا والفطريات.- يجب أخذ عينات من الصيصان وزغبها وقشر البيض بصورة متكررة لفحصها أيضاً للبكتريات والفطريات.- على خزانات المجاري أن تكون محكمة الإغلاق ويتمّ تفريغها كلما إمتلأت.

3. المجازر ومراكز تصنيع لحوم الدواجن ومراكز تعريب أو تصنيع بيض المائدة

- ذات الإجراءات التي تنطبق على المزارع والمفاقس تنطبق أيضاَ على هذه المراكز بالنسبة للإنشاءات ونوعية الأرضيات والجدران والعاملين والكلاب والهررة والماء والسجلات والبرامج التثقيفية وفحص العاملين والسيارات ووسائل النقل والصناديق والأقفاص وحركة العمل والمسحات والعينات وخزانات المجاري وشهادة الهاسب.- على هذه المراكز أن تكون مزوّدة بأنظمة معالجة المياه المبتذلة بطريقة سليمة قبل تحويلها إلى مجاري الرّي أو إلى المجاري العامة.- على المخلفات الصلبة الناتجة عن هذه المراكز أن يتم طهيها في مصانع خاصة لهذه الغاية إمّا بذات الموقع أو نقلها بحاويات محكمة الإغلاق إلى هكذا مصانع في مواقع منفردة. على الحاويات أن تنظف وتعقّم بعد كل رحلة.

الأمن الحيوي وأنفلونزا الطيور والنيوكاسل

يمكننا القول على أن صناعة الدواجن أصبحت تحت المجهر منذ بروز أنفلونزا الطيور سواء الخفيف أو عالي الضراوة. إن سرعة إنتشار هذه الفيروسات وتحوّلها وتحوّرها قد أدى إلى إصابة عدد كبير من البشر وإلى وفاة ما يزيد عن مايتي إنسان في بلدان متعددة من العالم. إن هذا التطوّر أقلق العلماء من إمكانية تحوّر الفيروس إلى درجة يصبح معها إنتقال المرض من إنسان إلى إنسان ممكناً الأمر الذي قد يؤدي إلى وباء.

معظم الحكومات في العالم ركزت مجهوداتها على العنصر البشري في هذا الحدث أكثر من تركيزها على عنصر الدواجن بالرغم من أن إنفلونزا الطيور والنيوكاسل قد أتت على ما يزيد عن خمسماية مليون طائر حتى يومنا هذا خاصة في القطاع التجاري.

لقد نصحت منظمة الأغذية والزراعة والمنظمة العالمية لصحة الحيوان بالإجراءات الواجبة على الحكومات أن تتبعها. لكن هذه الإجرءات إقتصرت على وجوب إعدام كل الطيور الواقعة ضمن شعاع يتراوح بين كيلو متر واحد وعشرة كيلو مترات من مركز الإصابة المكتشف. إن الهدف من هذه النصيحة والإجراء هو الحد من إنتشار المرض خارج نقطة حدوثه بمسافات كافية للقضاء عليه.

أدّى هكذا إجراء إلى النتائج المرجوّة فقط في الحالات التي منع معها إنتقال أي دواجن من المنطقة المحاصرة إلى خارجها وتمّ تعويض أصحاب الدواجن المصابة أو المعدمة غير المصابة تعويضاً عادلاً وفورياً. نجحت هذه السياسة حتى الآن في البلدان الصناعية كالولايات المتحدة الأميركية وبعض البلدان الأوروبُية حيث نُفذت تنفيذا كاملاً وصارماً وحيث يندر وجود الطيور الريفية أو المنزلية. لكن ومع الأسف لم تنجح سياسة الإعدام هذه في باقي دول العالم التي أصيبت حيث لجأت إلى سياسة تعميم التحصين ضدّ عترة الأنفلونزا المنتشرة مع إجراءات متفاوتة للمحاصرة والإعدام والتعويض والأمن الحيوي.

من المؤسف أن القطاع التجاري وحده في الدول النامية وفي محاولة للحد من خسائره لجأ إلى إستخدام التحصين على نطاق واسع. لكن القطاع الريفي والمنزلي قد تُرك في معظم هذه الدول دون تحصين وبالتالي عرضة للإصابة والنفوق. لم يصل النفوق إلى هذه الطيور فحسب لكن العدوى إنتقلت إلى بعض أصحاب هذه الطيور ممّا أدى إلى وفاة بعضهم.

عندها فقط بدأت منظمة الأغذية والزراعة والمنظمة العالمية لصحة الحيوان تعترف بأهمية التحصين كوسيلة للحد من إنتشار أنفلونزا الطيور خاصة في بلدان يصعب فيها تعميم إجراءات الأمن الوقائي والتعويض عن النافق والمُعدم وحيث مُقتنو الدواجن يعتمدون على تربيتها لتوفير بعض غذائهم أو دخلهم.

لكن وبينما أنقذ التحصين ملايين الطيور حينما انتشر المرض، يبدو أن نجاحه تفاوت بين دولة وأخرى. عوامل عديدة لعبت دوراً في ذلك منها فاعلية اللقاح وطريقة وتعداد التحصين ودرجة التعرض للفيروس الحي ودرجة إجراءات الأمن الحيوي. إضافة لذلك فإن تحّول أو تحوّر الفيروس هو عامل جديد قد يستدعي تغيير اللقاحات المستخدمة. لقد أصبح من الضروري قياس مستويات مناعة القطعان المحصنة لإعادة تلقيحها ورفع مناعتها كلما إنخفضت منعاً لتعرّضها للفيروس الحقلي.

مهما يكن من أمر، فإن إجراءات الأمن الحيوي برهنت على أنها الإجرءات الأكثر أهمية في الحد من إنتشار فيروس مرض أنفلونزا الطيور وبالتالي الحد من إمكانية تحوّره ومنع حدوث عواقبه الوخيمة.

مبادرات منظمة الأغذية والزراعة والمنظمة العالمية لصحة الحيوان

إن الجلسة السابعة عشرة لِلّجنة الزراعية المنبثقة عن منظمة الأغذية والزراعة والتي إنعقدت في روما بين 31/3 و 4/4/2003 حول موضوع الأمن الحيوي للغذاء والزراعة قد حددت مفهوم المنظمة عن الأمن الحيوي ووصفت المبادرات المتخذة. إعترفت المنظمة بمنظومة الأمن الحيوي كما لم تعترف من قبل. بالنسبة للمنظمة "فالأمن الحيوي يصف بصورة واسعة عملية وهدف إدارة المخاطر المرتبطة بالغذاء والزراعة بصورة شمولية".

" إجراءات الأمن الحيوي في الزراعة هي حاجة من أجل: 1) حماية أنظمة الإنتاج الزراعي ومن يعتمدون على هذه الأنظمة. 2) حماية صحة الإنسان وثقة المستهلكين بالمنتجات الزراعية. 3) حماية البيئة والترويج للإنتاج المستدام."

"إن القضايا المشمولة بالأمن الحيوي تم التعاطي معها وتنفيذها تقليدياً بصورة قطاعية عن طريق قوانين الأمن الغذائي وأنظمة حجر الحيوان والنبات والمبيدات. هنالك إعتراف متعاظم على أن الأمن الحيوي سوف يستفيد من مقاربة أكثر تكاملاً."

"إعترفت منظمة الأغذية والزراعة بالأهمية المتنامية للأمن الحيوي وعليه جعلتها إحدى أولوياتها الستة عشر للأنشطة الإنضباطية المتبادلة مع معونة المساعدة الخارجية. عمدت المنظمة، من خلال مرافق أولويات الأنشطة الإنضباطية المتبادلة، إلى فحص ودفع الأمن الحيوي للغذاء والزراعة من أجل إستكشاف تعاون ممكن بالنسبة لأطر قياسية ولتبادل المعلومات ولتنمية القدرات".

"من أجل توسيع الإدارك عن الأمن الحيوي ومناقشة صلته الوثيقة وعملانيته بصورة أشمل، خاصة بالنسبة لحاجات الدول النامية وللدول التي إقتصادها في حالة تحوّل، عقدت المنظمة في بانكوك بين 13 و 17 كانون الثاني / يناير 2003 مؤتمراً تقنياً عالمياً بإشتراك 38 دولة و 8 منظمات عالمية بما فيها كودكس ألمنتاريوس، والمؤتمر العالمي لحماية النبات والمنظمة العالمية لصحة الحيوان ومؤتمر التنوع البيولوجي."

"جاء المؤتمر العلمي لما بين الدول بمثابة الذروة لعملية منظمة الأغذية والزراعة حول الأمن الحيوي والذي ضّم الإجتماع بين الوكالة ومؤتمر الخبراء والدراسات المتخصصة والتداول الثنائي مع المجموعات المهتمة. خرج المؤتمر بالخلاصات والتوصيات التالية:

- الإعتراف بحسنات المقاربة الأكثر تماسكاً وشمولية للأمن الحيوي والتي تسعى إلى تعاون بين الأطراف على الصعيد القومي والدولي دون ضرورة إيجاد هيكليات جديدة أو موحدة. - الإعتراف بالدور المركزي لتحليل المخاطر كإطار للأمن الحيوي بما في ذلك عبر القطاعات المختلفة. - دعم الحاجة لتحاليل إقتصادية مختلفة للأمن الحيوي. - الإعتراف بالدور المحوري لتنمية القدرات وبالأخص لمساعدة الدول النامية والدول التي إقتصادها في حالة تحوّل من أجل تأسيس وتثبيت أنظمة الأمن الحيوي لديها كي تتوافق مع المواصفات العالمية للأمن الحيوي للغذاء والزراعة ولكي تستفيد من فرص المتاجرة المتاحة. - دعم إنشاء المدخل الدولي لسلامة الغذاء وصحة الحيوان والنبات كأداة قيّمة للمعلومات عن الأمن الحيوي والتي قد تجمع القطاعات المختلفة قومياً ودولياً. - إستخدام عبارة بيوسيكيورتي Biosecurity هكذا مع كل اللغات وضرورة أن يكون حرفها الأول إستهلالي وتكتب بالحروف المائلة. - إعتبار أن الأمن الحيوي يشمل إدارة المخاطر البيولوجية بشكل شامل من أجل الوصول إلى الأمن الغذائي وحماية حياة وصحة الحيوان والنبات وحماية البيئة والمساهمة في إستخدامها المستدام. - على واضعي السياسات ان يعترفوا بأهمية الأمن الحيوي كعنصر أساسي للتنمية المستدامة وبالمنافع بما فيها المتاجرة والتي يمكن ان تحصل جراء المقاربات الشاملة للأمن الحيوي. - على البلدان ان تتعاون في مخاطبة مسائل الأمن الحيوي على مستويات اقليمية أو فرعية. - تحليل المخاطر وإدارة الأطر تعتبر هامة للوصول الى الأمن الحيوي. - على الدول أن تشجّع فرصاً ملائمة للمشاركة الفاعلة لكل المستفيدين في مخاطبة الأمن الحيوي ولتمكينهم من المساهمة في رسم وتطبيق تحليل مخاطر أطر الأمن الحيوي."

يبدو ان المنظمة العالمية لصحة الحيوان ومنظمة الصحة العالمية قد تركوا موضوع الأمن الحيوي لمنظمة الأغذية والزراعة خاصة وان المنظمات الثلاث قد تعاونت بمجهوداتها لمواجهة انفلونزا الطيور وغيرها من أمراض الحيوان.

بينما ركّزت منظمة الصحة العالمية على العنصر الإنساني بشأن إنفلونزا الطيور وغيرها من أمراض الحيوان أو النبات والتي تؤثر على صحة الإنسان، ركّزت المنطمة العالمية لصحة الحيوان على ست رسائل أساسية:

"- لتأكيد الشفافية بشأن القضية العالمية لأمراض الحيوان. - لجمع وتحليل ونشر المعلومات العلمية البيطرية. - لتوفير الخبرة ولتشجيع التضامن الدولي بشأن السيطرة على أمراض الحيوان. - ضمان إتفاقية تفويض منظمة الصحة العالمية بشأن تطبيق إجراءات صحة الحيوان والنبات. - لوقاية التجارة العالمية عن طريق نشر المواصفات الصحية للمتاجرة بالحيوان والمنتجات الحيوانية. - لتحسين الأطر القانونية وموارد الخدمات البيطرية القومية. - لتوفير ضمانة أفضل للغذاء ذات المصدر الحيواني ولتعزيز صالح الحيوان عن طريق مقاربة علمية."

" يمكن إنجاز هذه الرسائل بواسطة عدة نشاطات بما فيها وضع مواصفات ودلائل وتوصيات خاصة بصحة الحيوان بشكل قواعد ومنشورات مرافقة. تُرسَم هذه القواعد على أنها مستندات مرجعية تستخدمها الإدارات البيطرية أو السلطات الكفوءة في الدول الأعضاء من أجل مساعدتهم لوضع الأنظمة الصحية الواجب على بلدانهم إعتمادها لإستيراد أو تصدير الحيوانات الحية والمنتجات الحيوانية وذلك كي يتم تدارك إنتشار الجراثيم المسؤولة عن الأمراض لحيوانات أخرى أو للأنسان.

طوّرت المنظمة العالمية لصحة الحيوان أيضاً مبادئ عامة خاصة، بمنهج تحديد المخاطر والمؤلفة من أربعة عناصر وهي تقييم مخاطر الإستيراد، وتقييم قدرات الخدمات البيطرية لجهة تحديد الحزام، وتحديد المناطق، والقيام بالمراقبة والرصد."

"لعلّ المجال الوحيد الذي تطرّقت له المنظمة العالمية لصحة الحيوان عن الأمن الحيوي هو وقاية وعلاج إنفلونزا الطيور حيث مجهودات قد ركّزت حول تطوير توصيات مناسبة للأمن الحيوي الخاص بالطيور المنزلية عن طريق منشورين: "الأمن الحيوي والوقاية من الأمراض" والمنشور الآخر هو عن "وسائل الأمن بقطعان الأمات وبالمفاقس".

المبادرات الأخرى حول الأمن الحيوي

" تمّ تبنّي قرار المفوّضية الأوروبية ( EC/734/2005) بتاريخ 19/10/2005 والذي حدّد إجراءات الأمن الحيوي من أجل تخفيض مخاطر إنتقال إنفلونزا الطيور عالي الضراوة المسبَّب بعترة انفلونزا H5N1 من الطيور البريّة إلى الدواجن ومن أجل توفير وسيلة الكشف المبكّر بالمراكز الأكثر خطورة.

1.تمّ تعديل هذا القرار بتاريخ 21/10/2005 بإضافة إجراءات تخفيف المخاطر التالية:

‌أ. يمنع إبقاء الدواجن بالعراء دون أي تأخير. لكن يمكن للسلطات المختصة السماح لإبقاء الدواجن في أماكن مفتوحة شريطة أن يقدّم لها الماء والغذاء بالداخل أو تحت مظلة تمنع وصول الطيور البرية لهذا العلف والماء. ‌ب. على خزانات الماء المخصصة لبعض أنواع الدواجن أن تكون مغطاة لمنع الطيور البرية من الوصول إليها. ‌ج. يحب الا يقدَّم الماء من خزانات الماء المكشوفة للدواجن إلا بعد تعقيمها. ‌د. يمنع إستخدام الطيور الخادعة الجاذبة للطيور البرّية من أجل إصطيادها. 2. على الدول الأعضاء التأكد من منع تجميع الدواجن الحية وغيرها بالأسواق والمعارض والنشاطات الإجتماعية."

"نماذج لعقلنة الوظائف المنظّمة بين الشرائح طلباً لمزيد من التأثير والكفاءة قد ظهرت في عديد من الدول. فنيوزيلندا لها قانون الامن الحيوي منذ 1993 ووزير ومجلس للأمن الحيوي منذ 1999. وفي بيليز يتم التعاطي بمسائل الأمن الغذائي وخطر الحيوان والبيئة عل يد سلطة واحدة هي سلطة بيليز للزراعة والصحة."

"إن إتفاقية تطبيق إجراءات صحة الحيوان والنبات التابعة لمنظمة التجارة العالمية تضبط هذه الإجراءات بشأن التجارة العالمية. ومفوضية الكودكس أليمنتاريوس والمعاهدة العالمية لحماية النبات والمنظمة العالمية لصحة الحيوان يوفرون مواصفات عالمية لسلامة الغذاء وصحة النبات وصحة الحيوان بالتوالي."

" عقدت رابطة دول جنوب شرق آسيا إجتماعاً في 28/1/2004 ممثلة بوزراء الصحة والزراعة في بانكوك. وإعترافاً منها بإمكانية التأثير الفادح لإنفلونزا الطيور على الصحة العامة عالمياً وعلى الإنتاج الحيواني وعلى التطور التجاري والإقتصادي، قررت ما يلي:

- تتعهد بتوفير أنظمة مراقبة أكثر فاعلية ، وقدرات محسنّة للبحث والتطوير، و مشاركة في المعلومات والتكنولوجيا. - تكثيف الجهود الوطنية والأقليمية والدولية لمواجهة إصابات إنفلونزا الطيور وتهديدات مماثلة في المستقبل. - تنفيذ إجراءات محلّية لمعالجة إنفلونزا الطيور بإعتماد توصيات منظمة التجارة العالمية والمنظمة العالمية لصحة الحيوان ومنظمةالصحة العالمية ومنظمة الأغذية والزراعة. - العمل عن قرب مع المنظمة العالمية لصحة الحيوان لتقوية الدلائل الخاصة بإجراءات التراسل والتقييم. - ترويج تبادل المعلومات العلمية بشكل شفّاف ودقيق لتوفير الإنذار المبكر لإصابة مرتقبة. وإحياء شبكة إقليمية للتقييم البيطري وإيصالها بعمليات تقييم صحة الإنسان. - تقوية التعاون مع مؤسات إقليمية ودولية وكذلك مبادرات للإبحاث والتطوير من أجل تخفيف مخاطر إصابات الأوبئة الحيوانية على صحة الإنسان والمشاركة في الممارسات السليمة وإبتكار إجراءات مضادة وتطوير عدّة فحص دقيقة وفاعلة ورخيصة الثمن ولقاحات وأدوية مضادة للفيروسات. - المناداة للمساعدة وتبادل الخبرات لمساعدة البلدان المتضررة في مجالات الفححوصات المخبرية من أجل الكشف السريع ومراقبة وتقييم وضبط مرض إنفلونزا الطيور. - بحث الخيارات لرسم تطورات الأمن الحيوي الجديدة لقطاع الدواجن الخاص بالحيازات الصغيرة والتجارية."

"شاركت أمانة سر رابطة دول جنوب شرق آسيا بالإجتماع العالمي لوزراء الصحة حول الجهوزية الخاصة بالإنفلونزا الوبائية في أوتوا في 24 و 25 /10/2005. إستطاعت تحديد خمسة أنشطة لمواجهة تحدي انفلونزا الطيور: 1- تقوية التواصل المؤسّسي بين الدول وعبر الحدود. 2- تطوير شراكة مع كل المستفيدين بالقطاعين العام والخاص والهيئات المدنية. 3- المشاركة في المعلومات والعلوم والنجاحات. 4- تعديل سبل إدارة المزارع والدواجن. 5- تعيين قيادات متخصصة للسيطرة على المواقف."

" أصدرت وزارة الزراعة الأميركية نظاماً حول الوقاية من سلمونيلا إنترتيدس ببيض المائدة في عام 2004 تضمن الإجراءات السليمة في الشؤون التالية: مصادر الصيصان والطيور المرباة، برنامج الأمن الحيوي، برنامج مكافحة القوارض والحشرات، تنظيف وتعقيم بيوت الدواجن، تخزين بيض المائدة، إختبار السلمونيلا إنترتيدس، تحديد الأشخاص المسؤولين عن الوقاية من السلمونيلا إنترتيدس، السجلات المطلوب حفظها."

"طالبت وزراة العدل الأميركية في 24/4/2006 تطوير تصور إقليمي عن الامن الحيوي وأشارت إلى الحاجة إلى نموذج جديد له بحيث يتم الإعتراف به على أنه حقيقة تفرض ذاتها وليس إدراك فقط." " في المملكة المتحدة وُضع تنظيم لحركة الدواجن ومنتجاتها وقُسّمت المملكة إلى ثلاث مناطق: منطقة الوقاية ومنطقة المسح والمنطقة المحظورة ومُنع نقل الدواجن ومنتجاتها بدون إذن خاص بكل منطقة."

بروتوكولات الأمن الحيوي

بروتوكولات عديدة تم وضعها بأماكن كثيرة من العالم وخاصة بمعظم الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة ونيوزيلندا واستراليا. كلها تعاطت مع الامن الحيوي لإنتاج الدواجن ولتصنيع لحوم الدواجن والبيض وسلامة منتجات الدواجن المستهلكة. معظم هذه البروتوكولات تمّ وضعها على يد مؤسسات القطاع الخاص بالتعاون مع السلطات المحلية.

سوف أشير إلى منظومتين للتنويه على مدى إدراك أهمية الأمن الحيوي من المستفدين وإستعدادهم للقبول التلقائي وللتعاون في التنفيذ:

1. تتمتع صناعة الدواجن في نيوزيلندا بوضع صحيّ مميّز بين دول العالم. وفي محاولة لإستدامة هذا الوضع، تمّ وضع دليل للأمن الحيوي في تربية التسمين ليكون المعيار المتفق عليه بين شركات تربية التسمين وسلطة سلامة الغذاء النيوزيلندية. بينما هو دليل، إنما يحوي متطلبات إلزامية بصورة قوانين وقرارت وتنظيمات. تركز هذه المتطلبات على الدواجن ومنتجاتها وصلاحيتها للإستهلاك الآدمي. يغطي الدليل كل عناصر الأمن الحيوي بالمزارع من حيث تأثيرها على سلامة الغذاء وصحة الطيور وتشمل مسؤولة المربين والمصنّعين وناقلي الطيور والمسؤولين عن التنظيف وغيرهم. على الدليل أن يستخدم كموجّه للمعيار الأدنى للتوصيات التي على دلائل الأمن الحيوي للشركات أن تحويها.

2. وفي أستراليا، وضعت هيئة الأبحاث والتطوير الريفية، بمصادقة جمعية صناعة البيض الإسترالية، القواعد العملية للأمن الحيوي لصناعة البيض. تهدف القواعد إلى مساعدة صناعة البيض الأسترالية لفهم المسائل المتعلقة بالأمن الحيوي ولتطوير خطط الأمن الحيوي الفاعلة للتخفيف من حدوث وتأثير الإصابات المرضية. تم تطوير القواعد بإستخدام مبادئ منظومة تحليل المخاطر وتحديد النقاط الحرجة لتسهيل إدخال إجراءات الأمن الحيوي ببرامج تأكيد النوعية بالمزارع. تهدف القواعد إلى تجميع دليل للأمن الحيوي الذي يحوي تفاصيل فريق منظومة تحليل المخاطر وتحديد النقاط الحرجة كجداول وصف عمليات الانتاج وجداول تحليل المخاطر وجدول تدقيق تحليل المخاطر وتحديد النقاط الحرجة للأمن الحيوي ونماذج تحديد النقاط الحرجة وتعليمات عمل تحديد النقاط الحرجة والبرامج المساندة ونشاطات خطة التثبت لمنظومة تحليل المخاطر وتحديد النقاط الحرجة وبرامج تدريب العاملين ومنظومة تطبيق الإدارة الحسنة. هنالك مدققّون حياديون مهمتهم الرئيسية هي التثبت من أن نظام منظومة تحليل المخاطر وتحديد النقاط الحرجة قد تم وضعه بالفعل. إن النقاط الحرجة التي تم تحديدها بهذه القواعد هي: - دخول الصيصان والفرشة والمعدات والسيارات والعاملين والعلف إلى مزارع التربية . - دخول الفرشة والطيور المرباة والطيور البالغة والمعدات والسيارات والعاملين والعلف إلى مزارع الإنتاج. - وجود طيور برّية وقوارض بالعنابر أو حيثما ترعى الطيور. - نظافة الماء المستخدمة بالشرب أو لغرض التبريد. طريقة التخلص من الطيور النافقة ومن البيض المكسور والتالف ومن السماد. - وجود الطيور البرية و أنواع من الطيور الأخرى أو الخنازير في حرم المزرعة.

إجراءات الأمن الحيوي الواجب إلزامها

بعد إستعراض معظم ما كتب عن الأمن الحيوي يمكن إستنتاج ما يلي:

1. الأمن الحيوي هو مفهوم حديث نسبيّاً. لقد تم التأكيد عليه بصورة ذات مغذى بعد ظهور مرض إنفلونزا الطيور بأماكن مختلفة من العالم. 2. كان تعبير الأمن الحيوي، وحتى بروز إنفلونزا الطيور، يستخدم بالتوازي مع السلامة البيولوجية والأرهاب البيولوجي ويشير إلى إجراءات خاصة بإنتاج غذاء سليم للإستهلاك الآدمي. 3. لم تتعاطى المنظمة العالمية لصحة الحيوان بالموضوع حتى الآن الاّ خلال الإجتماعات المشتركة مع منظمة الأغذية والزراعة. 4. بدأت منظمة الأغذية والزراعة تحاكي الأمن الحيوي مؤخراً لكن بعد عدة سنوات من ظهور إنفلونزا الطيور. 5. لو لم يضرب إنفلونزا الطيور شديد الضراوة صناعة الدواجن بقوة ولو لم يُصِب هذا المرض الإنسان بإمراض العديد أو بإماتة البعض منهم، لا الامم المتحدة ولا منظمة الأغذية والزراعة ولا الحكومات كانت قد لجأت إلى إجراءات الأمن الحيوي للتخفيف من إنتشاره وتالياً إنتشار أمراض الدواجن الأخرى. 6. كانت إجراءات الأمن الحيوي تُمارس على يد مزارعين أو شركات بإشكال متفاوتة لزمن طويل وتبعاً للمنافع المستقاة منها. تشمل هذه المنافع تفادي التعرض للإمراض البكتيرية كالكورايزا والكوليرا والمايكوبلازما والسلمونيلا وتفادي الإمراض الفيروسية كالنيوكاسل ومؤخراً إنفلونزا الطيور.

مع أن مستوى الأمن الحيوي يجب أن يُطوّر بإنتظام، هنالك بعض الإجراءات التي لا يمكن لفرادى المزراعين والشركات فرضها. على الحكومات والسلطات التعامل معها.

يبدو أنه نظراً للتعقيدات المرتبطة بإصدار القوانين والتنظيمات، فالحكومات لم تبادر إلى تبنير إجراءات الأمن الحيوي التي تخفّف إنتقال الأمراض من مزرعة إلى أخرى أو من مرعى إلى آخر وإلى المزراع التجارية. بناءً عليه ومن أجل التخفيف الحقيقي لإنتقال الأمراض، وخاصة إنفلونزا الطيور، على الحكومات أن تتدخل عن طريق إصدار القوانين وإلزام تطبيقها. أن أهم الإجراءات الإجباريّة التي تتطلب تطبيقاً بموجب القانون هي:

1. المسافات الدنيا بين المزراع تنصح منظمة الأغذية والزراعة والمنظمة العالمية لصحة الحيوان مسافات محوّرية محددة لتكوين مناطق معزولة عند تطبيق إعدام الطيور حتى تلك غير المصابة بمرض إنفلونزا الطيور. يعدّ هذا الإجراء إعترافاً بإهمية المسافات الدُنيا لمنع إنتشار الأمراض بالرغم من الحجر المتشدد لمنع إنتقال أي طائر خارج المنطقة المعزولة. هذا يدعو إلى المناداة بمسافات دنيا بين المزراع ونشاطاتها. فمثلاً على مزراع الجدود أن تكون أكثر عزلاً من مزارع الأمات والثانية أكثر عزلاً من مزارع إنتاج بيض المائدة والأخيرة أكثر عزلاً من مزارع التسمين. عند تأسيس هذا المبدأ على كونه قانوناً، تعطى موافقات إنشاء المزارع بموجبه. أمّا المزراع القائمة والتي لا تتوافق مع التنظيمات الجديدة فيجب أن تعطى مُهلاً معقولة كي تبيع أو تشتري المزارع القريبة كي يتم توحيد النشاط والأعمار والإدارة.

2. بناء المزارع على السلطات المختصة في إعطاء تراخيص البناء للمزارع والمفاقس والمجازر أن تعدّل من مواصفاتها كي تشمل المعايير المتعلقة بالأمن الحيوي مثال: ‌أ. التقيد بالمسافات الدنيا بين المزارع والنشاطات الداجنة الأخرى. ‌ب. تحديد مواصفات التشييد بما فيها الإرضيات الإسمنتية والعزل السليم وضبط البناء لمنع دخول القوراض والطيور البريّة والتهوئة المناسبة والتبريد والإنارة ومخارج الطوارئ وغيرها. ‌ج. تحديد التسييج اللازم للموقع والذي يمنع دخول الحيوانات وخاصة الكلاب والقطط. ‌د. على الطرقات والمماشي أن تكون إسمنتية. ‌ه. على مجمّع الخدمات، والذي يضم المكاتب ومخزن البيض والأستحمام وغرفة تشريح النافق و غرفة غسيل الثياب ومستودع مواد التعبئة ومستودع النجارة، أن يبنى كجزء من السياج. ‌و. على مساكن العاملين أن تبنى بعيداً من عنابر الدجاج ومع الإتجاه الغالب للهواء. ‌ز. على خزان الماء الأرضي أن يكون محكماً بعيداً عن عنابر الدواجن وعن مساكن العاملين وعن الخزانات الصحية والمدافن. ‌ح. على خزان الماء العلوي أن يبنى مرتفعاً ومحكم الإغلاق. ‌ط. على المدافن أن تكون جيدة البناء ومحكمة الإغلاق بحيث تمنع دخول الحيوانات والقوارض. عليها ان تكون بعيدة عن بئر الماء وعنابر الدواجن ومساكن العمال ومجمّع الخدمات. ‌ي. يجب منع زراعة الإشجار لإثناء مبيت العصافير والطيور البرية الأخرى أو بناء أعشاشها.

3. أنواع وأعمار الطيور على التشريعات ان تتضمن منع مزج أنواع الطيور المختلفة وتعدد أعمار النوع الواحد في أي وقت من الأوقات. عليها أن تشمل أيضاً منع تربية أية حيوانات في حرم المزرعة وخاصة الخنازير.

لقد تنبه مقتنو الجدود والأمّات منذ زمن لهذه الحقائق وإعتمدوا هذه المبادئ. في الواقع تعلّم مزارعو تربية التسمين هذه الأساليب ايضاً لكن بعد معاناة. بقي أن يتعلّمها مربو الدجاج البياض ومعظمهم يربي أعماراً متعددة في ذات الموقع. تشكل هذه المجمعات تهديداً لتكرار حدوث الأمراض وخاصة النيوكاسل والمايكويلازما والأنفلونزا والسلمونيلا.

4. الكلاب والقطط والحيوانات الأليفة على التنظيمات أن تمنع إقتناء الكلاب والقطط وتربية الحيوانات الأليفة كالأغنام والأبقار والخيول وبشكل أخص تربية الخنازير. بالنسبة للكلاب والقطط فإن حركتها المستمرة هي مصدر تلوّث بين عنابر الدواجن وبالتالي للدواجن ذاتها. يمكن لها أن تصبح حاملة لبعض البكتيريات والفيروسات التي قد تصيب الدواجن. أمّا بالنسبة للخنازير فهنالك تخوّف حقيقي على أن فيروس الإنفلونزا الذي يصيب الخنازير قد يتحوّر إلى مستوى يمكنّه من الإنتقال بين البشر.

5. اللقاحات على السلطات البيطرية ان تبيّن الأمراض، وخاصة الفيروسية منها، التي تنتشر وتهدد قطعان الدواجن في مناطق محددة أو في البلد. عند وكلما كان ضرورياً على هذه السلطات أن تطلب من المزراعين التحصين ضد هذه الأمراض. عليها أن تأخذ عيّنات من الدم ومسحات لفحص مستوى مناعة هذه القطعان. على هذه السلطات أيضاً أن تتبنّى تحصين الطيور الريفية والمنزلية على نفقتها وبواسطة أجهزتها.

6. المراقبة والمسح على السلطات البيطرية فرض مسح منظّم للمزارع التجارية وللطيور الريفية والمنزلية للتأكد مِن عدم حملها لامراض فيروسية قد تهدد قطعاناً أخرى . عليهم التمتع بالسلطة التي تسمح لهم باعدام هذه القطعان . يجب فرض المراقبة على القطعان المراد نقلها من مزرعة لأخرى أو من المزرعة الى المجزر. يضمن هذا التدبير التأكيد من خلو هذه القطعان من انفلونزا الطيور أو من امراض أخرى شديدة العدوى يمكنها نشر هذه الأمراض على المزارع بطريقها . يجب أن يعتمد إذن النقل على خلو هذه القطعان مِن هذه الأمراض وإلاّ وجب إعدامها وتخميرها بالعنبر ثم دفنها عميقاً في حرم المزرعة.

7. التعمال مع السماد يمكن للسماد أن يختزن البكتيريات والفيروسات ويمكنه أن يعدي قطعاناً إذا ما تم نقله بشاحنات مكشوفة. اذا كانت القطعان المنتهية صحيّة يمكن نقل سمادها بشاحنات مغلقة. اما اذا كانت القطعان المنتهية مريضة وتم اعدامها، على سمادها ان يتعرض للتخمير في العنابر ثم يدفن عميقاً في الموقع.

8. المجازر يجب ان يرخص للمجازر الجديدة في أماكن بعيدة من المدن والقرى والمساكن وذلك لتفادي تعرض السكان للطيور الحيّة التي تنقل اليها. أما المجازر القائمة فيجب العمل على نقلها بعيداً عن المناطق السكنية باسرع وقت ممكن.

9. أسواق الدواجن الحيّة يجب منع أسواق الدواجن الحيّة عاجلاً أم آجلاً وبالتالي التخفيف من تعرض الناس للفيروسات وخاصّة انفلونزا الطيور. فالأسواق الحيّة لا تستلم الطيور من المزارع التجارية فحسب، والتي قد تكون مراقبة، لكنها تستقطب كل انواع الدواجن من الأرياف والمنازل والتي يصعب مراقبتها وفي معظم الحالات تكون غير محصنّة.

10. نقل الطيور الحيّة على ناقلات الطيور الحيّة ان تحمل إذناً صادراً عن السلطات البيطرية تؤكد خلو الطيور المنقولة من الامراض المعدية وخاصة انفلونزا الطيور.

11. تسكين الطيور الريفية والمنزلية والحمام غالباً ما تتعرض الطيور الريفية للأختلاط بالطيور المهاجرة والبرية والتي قد تحمل فيروسات كانفلونزا الطيور. بعد التقاطها العدوى تظهر على الطيور الحالة المرضية مّما يحفّز مقتنوها إلى الإسراع لذبحها ونتفها وتجويفها. كل حالات الموت الناتجة عن إصابة بإنفلونزا الطيور في مصر حصلت للنساء القرويات اللواتي فعلن ذلك تماماً. أعتقد أن معظم الوفيات البشرية التي حصلت في أندونيسيا وفيتنام وكمبوديا والهند وتركيا وغيرها من الدول ما دون النامية قد حصات بذات الطريقة. لذلك أصبح لزاماً على الحكومات أن تُلزم تسكين الطيور الريفية والمنزلية والحمام حتى لا تتعرض للإختلاط بالطيور البريّة. يمكن لهذه المساكن أن تكون بسيطة ورخيصة الثمن.

12. الدواجن الحرة في المراعي لذات السبب الذي إستدعى الدعوى لتسكين الطيور الريفية المنزلية، على الطيور الحرة في المراعي ان تُسكّن. على المرعى أن يُغطّى بالشبك بما في ذلك الجوانب بطريقة تمنع معها وصول الطيور البريّة للإختلاط بالدواجن في المرعى.

13. صيد الطيور البرّية مثالياً يجب منع الصيد بقوة القانون. لكن الصيد أصبح صناعة بحدّ ذاتها. لكن حتى يتمّ التخفيف من إمكانية الضرر على الصيّادين أنفسهم أو الذين يقومون بنتف وتجويف الطيور المصطادة، يجب أن يقيّد الصيد لمناطق محددة أو محميات بعيدة عن مزارع الدواجن وعن الأماكن الآهلة بالسكان. يجب نتف وتجويف وتنظيف الطيور التي تم صيدها قبل مغادرتها المنطقة المحددة. يجب إيضاً منع بناء البحيرات الإصطناعية وإستخدام الطيور الخادعة الجاذبة للطيور المهاجرة من أجل إصطيادها خارج المناطق المخصّصة للصيد.

14. التعويض على كل المستفيدين من مزارعين تجاريين أو ريفيين أن يتعاونوا من أجل مكافحة الأمراض المعدية وخاصة إنفلونزا الطيور. لقد ثبث فشل سياسة إعدام الطيور المصابة أو المحاصرة في غياب التعويض العادل والفوري في أي مكان من العالم. لقد إستطاعت الدول الصناعية والمتطورة أن تحتوي إصابات إنفلونزا الطيور بنجاح عن طريق المحاصرة والإعدام دون اللجوء إلى إستخدام التحصين لكن بإعتماد سياسة تعويض عادل وفوري . نجحت هذه السياسة لأن المزارعين تفهموا سبب وضرورة تنفيذ قرار المحاصرة والإعدام خاصة وأنهم حصلوا على تعويض عادل لطيورهم. لكن حكومات الدول الفقيرة وما دون النامية لا تمتلك القدرة المالية للتعويض. وعليه لجأت الى تحصين قطعان الدواجن. لكن بالرغم من إستخدام اللقاحات، فأن بعض الإصابات قد تحصل وتستلزم الإعدام. في هذه الحالات لا بد من اللجوء إلى التعويض. على هذه الدول ان تلجأ إلى البنك الدولي للحصول على التمويل اللازم لتعويض المزارعين خاصة هؤلاء الذين يتقيدون بإجراءات الأمن الحيوي.

15. إبتكار وسائل حمائيّة إضافةً أو بدلاً عن اللّقاحات لمّا ثبُتَ محدوديّة قدرة اللقاحات المستخدمة لوقاية الطيور من إنفلونزا الطيور ومن النيوكاسل وغيرها من الأمراض الشديدة الضراوة خاصةً بسبب تحوُّر الفيروسات المُسبّبة فإنّه أصبح من الواجب اللّجوء الى إبتكارات مستجدّة تمنع وصول هذه الفيروسات للطيور. هنالك محاولات جادة تجري حالياً في هذا الإتجاه وكاتب هذه الدراسة سبّاق في هذه المحاولات التي وصلت الى درجة التجارُب الحقليّة.

الخلاصة

ما زال انفلونزا الطيور والنيوكاسل ينتشران في العالم ولو بوتيرة أبطأ منذ استخدام اللقحات الفاعلة وخاصة في الدول التي تعجز عن التعويض وبالتالي تفشل في اعتماد سياسة الاعدام وحيث تتواجد الطيور في الارياف والمنازل بصورة كبيرة وغير محصّنة. الامن الحيوي هي وسيلة تم اختبارها للتخفيف من انتشار هذا المرض والامراض المعدية الأخرى. لكن اجراءات الامن الحيوي لم تستخدم حتى الآن إلاّ على يد مزارعين محدّدين بارادتهم الذاتية. ان اجراءات الامن الحيوي التي ألزمت حتى الآن كانت لغرض السلامة البيولوجية وسلامة الغذاء. لما كان انفلونزا الطيور عاملاً مهددّاً للانسان ومرض النيوكاسل يزداد شراسة وعدم التجاوب مع اللّقاحات المُتوفِّرة، ولما كانت المنافع المتأتية من الأمن الحيوي تتعدى تفادي انفلونزا الطيور والنيوكاسل لتحسّن الكفاءة الانتاجية للطيور، على منظمة الاغذية والزراعة والمنظمة العالمية لصحة الحيوان تبني فكرة إلزام اجراءات الامن الحيوي مزارع الدواجن والمنشآت المكملة لها كالمفاقس والمجازر. كما على منظمة الأغذية والزراعة والمنظمة العالمية لصحة الحيوان ان تلاحق كافة الحكومات في العالم على تبني إلزام اجراءات الأمن الحيوي عن طريق اصدار القوانين والتشريعات اللازمة. إضافةً الى كل ذلك فإننا ننتظر ظهور إبتكارات جديدة لحماية الطيور من إنفلونزا الطيور والنيوكاسل إضافةً أو بدلاً عن اللّقاحات المُستخدمة وذلك في ظل إجراءات الأمن الحيوي الشديد الأهمّية.

المراجع - منظمة الاغذية والزراعة – لجنة الزراعة / الجلسة السابقة 31/3-4/4/2003 - المفوضية الاوروبية- قرار رقم 2005/745/2005 في 21/10/2005 - صناعة الدواجن في نيوزيلندا- دليل الامن الحيوي لتربية التسمين. - القواعد العلمية للامن الحيوي لصناعة البيض الاسترالية.

Add your comment Here

Your email address will not be published.