سلامة الغذاء وحماية الإنتاج الوطني أمران متلازمان

February 19, 2015 Musa Freiji Articles

ما زالت، ومنذ ثلاثة أشهر، حملة سلامة الغذاء تتصدّر عناوين الصّحف وتأتينا بأخبار إقفال مزارع للإنتاج الحيواني ومسالخ ومراكز بيع ومستودعات تَحوي مُنتجات غذائية منتهية الصلاحيّة أو رديئة الحال. إنّها حملة في مكانها وتستوجب شُكر معالي وزير الصحة وأركان الوزارة المُتعاونينَ معهُ للقيام بهذه المهمّة.

لكن وفي المقابل، لا بدّ من الإلتفات نحو الإنتاج الوطني وقدرته على منافسة المُستورَد من الغذاء فنقول أنّ سلامة الغذاء وحماية الإنتاج الوطني أمران مُتلازِمان. فالحملة تُقلِّل من العبث بغذاء الناس، لكنّ إنتاج الغذاء والذي هو مهمّة القطاع الخاص هو أمر يستدعي التشجيع والتنشيط.

إنّ إلتزام المُنتِجين بالمواصفات القياسيّة لِلمواد الغذائيّة يتطلّب إستثمارات في البُنية التحتيّة والمعدّات والآلات ويتطلّب تدريب الكوادر الفنّية كي يتمّ الحصول على غذاء سليم. وهذه الإشتراطات تستوجب ضخّ أموال ترفع من كلفة الإنتاج الى درجة قد لا تُنافس المُستورَد منها وهنا يقع الإشكال حول التوازُن بين متطلّبات إنتاج الغذاء السليم ومنافسة المُستورد.

من وجهة نظري، على الحكومة واجب إلزام المؤسسات التي تتعاطى إنتاج وتوزيع المواد الغذائيّة إعتماد إشتراطات سلامة الغذاء دون تردّد ولكن في مقابل حماية إنتاجِهم من المستورد منها وذلك عن طريق وضع رسوم جمركيّة مؤثرة عليها خاصةً في ظلّ إستيراد لبنان لِما يزيد عن 80% من غذائه.

قد يُقال أنّ هذا المطلب يخالف إتفاقية المنطقة الحرّة العربية والإتفاقيات الثُّنائيّة للتبادل التجاري الحرّ وإشتراطات منظمة التجارة العالمية للإنضمام الكُلّي لها. وعلى هذا القول أُجيب بأنّ مصلحة المواطن اللبناني ومصلحة المُنتِج منه تأتي أولاً وقبل كل إتفاق وبأنّ الدّول المُصدِّرة الى لبنان إنّما تدعم التصدير كي تُنافس إنتاجَنا المَحلّي مُخالِفةً بذلك قوانين منظمة التجارة العالميّة. فإلى متى تظل الحكومات المُتعاقبة تتجاهل هذا الواقع المَرير الذي لا يشجّع على الإستثمار ولا يُوفِّر فرص عمل للّبنانيّين ولا يؤسِّس لإنتاج غذاء سليم؟

Add your comment Here

Your email address will not be published.