Blog-Image

في تقدير صناعة الدواجن في لبنان وسبل توسّعها واستقرارها

June 15, 2023 Musa Freiji Articles

نشأت صناعة الدواجن في لبنان في العام 1957 وترعرعت بصورة مضطردة في إنتاج بيض المائدة الطازج ولحم الدواجن الطازج أيضاً حسب رغبة المستهلك اللبناني.

تطوّر انتاج بيض المائدة بصورة سريعة لا للإكتفاء الذاتي فحسب، ولكن للتصدير الى الدول العربية في الفترة من 1958 الى 1975. أما إنتاج لحوم الدواجن فكانت متقلّبة تبعاً لعاملَين. العامل الأول هو الحرب الأهلية التي أتت على العديد منها. والعامل الثاني هو المضاربة غير المشروعة المتمثلة بإستيراد لحم الصدر البرازيلي المنشأ، إمّا بصورة مباشرة أو بصورة غير مباشرة عبر الإمارات العربية المتحدة والأردن تفادياً لدفع الرسوم الجمركية على قلّتها وهي ألفَي ليرة لبنانية عن كل كيلو فقط.

وبالرغم من العوائق المذكورة، وتجاوباً مع رغبة المستهلك اللبناني الذي يفضّل اللحوم الطازجة، تطوّر إنتاج الفروج في لبنان الى أن وصل حالياً الى ماية مليون سنوياً، أي 140 ألف طن من الطيور المذبوحة.

من حسنات تطوّر هذه الصناعة الغذائية ما يلي:

1-  وفّرت لحم الدواجن الطازجة كما يرغبها المستهلك اللبناني.

2-  تمّإستثمار ما يزيد عن 500 مليون دولار في منشآت الدواجن المختلفة.

3-  تُعيل حالياً ما يزيد عن عشرين ألف عائلة منتشرة في كافة المحافظات اللبنانية.

4-  توفّر عملاً مرادفاً وداعماً لهذه الصناعة لِما لا يقل عن عشرة آلاف عائلة. تشمل هذه الأعمال نقل المواد العلفية، إستيراد اللقاحات والمعقمات، نقل المنتجات الجاهزة، إصلاح وسائل النقل، نقل المحروقات، توفير نجارة الخشب للمزارع، والخدمات المختلفة الأخرى.

5-  أوجدت شركات كبيرة متخصّصة في تربية الأمات وتفريخ بيضها، وتصنيع الأعلاف، وإنشاء المسالخ الحديثة لذبح وتجهيز مقطعات الدواجن المختلفة. تقوم هذه الشركات بتوفير الصيصان والأعلاف والخدمات الفنيّة للمزارعين المنتشرين في كل لبنان دون أي تمويل منهم، إنما يحصلون على دخل مضمون بغض النظر عن أسعار البيع التي تتأرجح بين خسارة وربح طيلة أشهر السنة نسبةً للعرض والطلب والمنافسة المشروعة.

العوائق أمام زيادة الانتاج ليحل محل المستورد من لحم الدواجن

درجت وزارة الزراعة على السماح للتجار بإستيراد لحم صدر الدواجن المجلّد منذ عشرات السنين دون توقف. عبثاً حاول مزارعو الدواجن في لبنان إقناع وزراء الزراعة المتعاقبين للتوقف عن ذلك كي يستطيعوا زيادة إنتاجهم للحلول محل المستورد وذلك لغرضٍ في نفس يعقوب:‌

أ. تفادياً لدفع الرسم الجمركي الصُوَري، ترى التجار يستوردون الفيليه البرازيلية عبر الامارات العربية المتحدة والأردن حيث تحصل هذه المنتجات على شهادة منشأ عربي غشاً، وبالتالي تُعفى من الجمارك. جهدت النقابة اللبنانية في العمل مع مديرية الجمارك لوقف هذا الإجراء لسنوات عديدة دون جدوى بالرغم منالإثباتات التي قُدِّمت بأن منشأ هذه الفيليه هو البرازيل وليس الدول العربية.

ب. نتيجةً لإلحاح النقابة تمّ الاتفاق مع معالي وزير الزراعة السابق غازي زعيتر على زيادة إنتاج الفروج في لبنان خلال عشرة أشهر لسد الحاجةللاستيراد. وبعد تورّط المزارعين في زيادة تربية الأمات وتجهيز المزارعين غير العاملين لتربية الفروج وإذ بالوزير المحترم يوفّر إجازات إستيراد مفتوحة للتجار تغطي الاستيرادات لمدة 3 سنوات وذلك عشيّة تغيير مجلس الوزراء.

ج. عبثاً حاولت البرازيل تصدير لحوم الدواجن الى الولايات المتحدة الأميركية بالرغم من الفارق الكبير بين سعر مبيع الفيليه في الولايات المتحدة والذي يصل أو يفوق 8 دولار للكيلو بينما قيمته واصلة من البزازيل لا تتعدى 2 دولار للكيلو.

د. منع الإتحاد الأوروبي البرازيل من تصدير منتجاتها من اللحوم الحمراء والبيضاء بحجة حماية الانتاج الوطني الأوروبي.

هـ. منعت مديرية الانتاج الحيواني في وزارة الزراعة اللبنانية إستخدام مخلّفات الدواجن المطهية في أعلاف الدواجن، في الوقت الذي يستخدم هذه المخلفات العالم كلّه بإستثناء الإتحاد الاوروبي. والحجة كانت أن لبنان يتبع تعليمات وتوصيات الإتحاد الاوروبي. ولا ندري من أين هذه البدعة وكأن باقي العالم جاهل بما يفعل!

و. وتبعاً للـ (ه) أعلاه، كيف يحق لوزارة الزراعة السماح بإستيراد لحوم الدواجن البرازيلية وهي على علمٍ كامل بأنّ علف الدواجن في البرازيل يحوي مخلّفات الدواجن المطهية، بينما يحرم المزارعين اللبنانيين من استخدامه لغرض تخفيف كلفة الانتاج والتخلّص الآمِن لهذه المخلّفات بدلاً من رميِها في مطامر النفايات. إنه لتصرُّف لا يتًصِف بالحكمة ويزيدنا شكوكاً بأسبابه المخفية.

لقد آن الأوان كي يعلم المسؤولون عن السياسات الإقتصادية في لبنان بأنّخلاص لبنانمن حالته الريعيّة والانتقال الى الحالة الإنتاجية يتطلّب حماية كل ما يُنتَج أو يمكن إنتاجه في لبنان من منتجات زراعية أو صناعية كي يتحفّز المستثمرون للإستثمار في هذه القطاعات.إنّ اعتماد سياسة الحماية هذه يؤدي الى:

- خلق فرص عمل لخرّيجي الجامعات والعمالة المَهَرة وغير المهرة.

- تخفيف الحاجة للعملة الصعبة.

- فتح باب التطوّر وبالتالي تحسين النوعية وتخفيف الكلفة ويشكل قاعدة للمنافسة المشروعة.

- توفير جزءاً هاماً من الأمن الغذائي.

Add your comment Here

Your email address will not be published.