Blog-Image

كتاب مفتوح لمعالي وزير الخارجية المهندس جبران باسيل

August 09, 2019 Musa Freiji Articles

تبنّيتم إحياء مؤتمر سنوي للمغتربين اللبنانيين منذ ست سنوات يهدف إلى تنشيط علاقة المغتربين بوطنهم الأم.

لقد كان لي شرف حضور إثنين منها. لم أعتبر أن المنظمين والمؤتمرين أصابوا الهدف من إحيائها والدليل أنّ عودتهم لم تبدأ ولا مساهمتهم في تنشيط الإقتصاد قد ظهرت حتى الآن.

في نظري إنّ المشكلة تكمن في غياب السبل المحفّزة للمغتربين للعودة كي يساهموا بخبراتهم ومدخراتهم في تنشيط الإقتصاد اللبناني.

إنّ مشاركة بعضهم خلال الست مؤتمرات السابقة لم تؤدِّ إلى ترغيبهم للعودة أو للإستثمار خاصةً في ظل العثرات الكثيرة التي تعتري الوضع اللبناني من مشكلة الكهرباء إلى مشكلة النفايات إلى مشكلة الفساد المستشري إلى المناكفات السياسية إلى إنعدام العدالة وتفعيل القضاء إلى الطائفية المتجذرة إلى مسايرة الدول الأخرى على حساب لبنان واللبنانيين وغيرها الكثير.

لن ينتج عن تكرار مؤتمرات المغتربين النتائج المرجوّة إلاّ إذا تمَّ تحفيز المغتربين للإستثمار وإقتناعهم بجدواه. وفي أغلب الظن إنّ شعورهم بأنّ هنالك جدوى من إستثماراتهم سيطغي على كل المآخذ والمعوقات الأخرى بدليل أن جلّهم هاجر إلى بلاد لا يعرفونها وإنّ معظمهم تعرّض للمخاطر والشعور بالغربة القاتلة أحياناً وإلى العنصرية والإضطهاد أحياناً. لكن إمكانية حصولهم على أرباح مقابل كل هذه المعوقات والمخاطرات حفّزتهم على الإستثمار والصمود.

لكن ظلت عيونهم شاخصة بوطنهم الأم يتضرّعون إلى الله بأن يُصلِح حال لبنان كي يعودوا إليه مزوَّدين بمدخراتهم وخبراتهم.

يأتي في طليعة التحفيز تفعيل القطاعات الإنتاجية من صناعة وزراعة في ظل التخمة في التوظيف في قطاع البناء والسياحة والخدمات المختلفة.

إنّ المدخل للتحفيز في القطاعات الإنتاجية يكمن في النظرة السريعة إلى الميزان التجاري لنرى أنّ العجز فاق الـ 17 مليار دولار أميركي سنوياً.

أي أن لبنان فقدَ القدرة على التصدير وأصبح مستورِداً بدرجة كبيرة. حصل ذلك بسبب السياسة الخاطئة التي إعتمدتها كل الحكومات المتعاقبة منذ عام 1992 والمتمثلة بالإنجرار بصورةٍ عمياء وراء العولمة وبالتالي الإنصياع إلى إملاءات الدول الصناعية التي تدعو الى ضرورة تخفيض الرسوم الجمركية على المستوردات إلى معدل أدنى من 5%. هذا الإجراء أدّى إلى تراجع الإنتاج الصناعي والزراعي تراجعاً كبيراً فأقفلت العديد من الصناعات وتوقف إنتاج العديد من الزراعات. وفي المقابل لم نشهد تحسناً في السياحة الموعودة لسد الثغرة منذ عشرات السنين.

لذلك لا بدّ من إعادة النظر في السياسة الإقتصادية من جذورها والمتمثلة بتجميد العمل بإتفاقيات التبادل التجاري الحرّ مع كل الدول والمجموعات ووضع رسوم جمركية مرتفعة فاعلة على كل ما يُنتَج أو يمكن إنتاجُهُ في لبنان.

هكذا وهكذا فقط سيتشجع المغتربون والعاملون في الخليج الذين يتوقون إلى العودة إلى لبنان أن يفعلوا ذلك حاملين معهم المليارات العديدة من الدولارات، والتي قد تصل إلى 50 ملياراً، والخبرات المكتسبة عبر السنين لتنمية الصناعة والزراعة والتي سوف يتمّ تصريفها في لبنان دون مشقة التصدير ومواجهة عوائقه.

فلنتعلّم من عدوِّنا إسرائيل كيف تبني المستعمرات وتأتي بيهود العالم وتُيَسِّر أمر أعمالهم ليساهموا في بناء كيانٍ مغتصب

  موسى فريجي

               mfreiji@tanmia.com.lb

                www.musafreiji.com 

9/8/2019

Add your comment Here

Your email address will not be published.