Blog-Image

ماذا لو اعتمدنا التجربة السودانية

May 28, 2020 Musa Freiji Articles

في منتصف عام 2018 إنفجرت الإنتفاضة الشعبيّة في السودان وعمّت كل ولاياته. نادت بسقوط الرئيس البشير وبسقوط الحكومة وتغيير النظام الذي ساد لخمس وعشرين سنة وأدّى إلى الانهيار الإقتصادي وإلى الخلافات مع دول عربية عديدة.

وفيأوائلعام 2019، تنادى عدد من ضباط الجيش واتفقوا على إزاحة رئيس الجمهورية البشير واستلام زمام الحُكم. لكنّ الإنقلاب العسكري لم يُرضي الثائرين فأخذوا بِرَص صفوفهم والدعوة إلى حكومة مدنيّة إلى أن استجاب المجلس العسكري لمطالبهم وتمّ الاتفاق على أن يبقى المجلس العسكري مسؤولاً عن الأمن والدفاع، ويترك الحُكم إلى حكومة وفاق مدنيّة بالكامل. وها هو السودان الآن ينعم بالهدوء والسلام ويحسّن علاقاته مع الدول المجاورة ومع الدول التي كانت تفرض عليه، ولمدة عشرين سنة، العزل والمقاطعة والعقوبات واعتباره أحد الدول الراعية للإرهاب دون أي دليل.

إنّم طالب الثائر ينوالمنتفضين اللبنانيين الذين نزلوا إلى الساحات اللبنانية كلّها منذ 17 تشرين الأول 2019 لا تختلف كثيراً عن مطالب الثائرين السودانيين، بل تتعداها إلى إعتبار المجلس النيابي غير شرعي بالمُطلق. وهي تتّهم القيادات المتحكِّمة بالتمثيل النيابي منذ عام 1992 حتى الآن بالفساد، همُّها تجميع الثروات بطرقٍ ملتوية وبإحتكارات مفضوحة إلى درجة جرّ لبنان إلى حالة الإفلاس وإختفاء أموال المودعين من المصارف اللبنانية وإلى النقص الحاد في وجود العملة الصعبة وبالتالي تدنّي قيمة العملة الوطنية أمام الدولار إلى الثلث، وأخيراً إلى عجز الحكومة عن تسديد ديونها الداخلية والخارجية على حدّ سواء. ناهيكم عن جائحة كورونا التي ألزمت الناس بالحجر المنزلي للأشهر الثلاثة الأخيرة.

فإنّ الثائرين متفقون على وجوب تغيير الطغمة الحاكمة من وزراء ونوّاب، وتنظيف الجسم القضائي وجعله مستقلاً بالتمام والكمال، وإستعادة الأموال المنهوبة، ومحاكمة الفاسدين من سياسيين وموظفين، ووقف الهدر في إدارة الكهرباء وجمع ومعالجة القمامة، وإستعادة الأملاك العامة البحرية والنهرية وغيرها من أيادي المتسلّطين، ووضع حدّ للإحتكارات، وحماية القطاعات الإنتاجية توطئةً لتحفيز الإستثمار فيها، وبالتالي إستيعاب الكفاءات والعمالة الذين يشكّلون حالياً بطالة مؤلمة وخسارة كبيرة للإقتصاد الوطني، وغيرها الكثير.

فكيف لنا بالتغييرالمنشود دون تغييرالنظام وبالمحافظة على الديمقراطية والتوازن والعيش المشترك والإبقاء على الدستورالذي إنبثق عن اتفاقية الطائف التي أدّت إلىوقفا لحربالأهلية؟ سؤال كبير يحيّرأصحاب الفكر السياسي والإقتصادي.

من هنا أرى أنه من الجائز، بل من الضروري، التعلّم من تجربة السودان بحيث يتفق رئيس الجمهورية مع ضباط من الجيش اللبناني يمثلون الطوائف الست الرئيسة في لبنان لتكوين مجلس عسكري لقيادة المرحلة الإنتقالية، تكون مهمّته التالية:

  • حلّ مجلس الوزراء وحلّ المجلس النيابي بصورة فورية.
  • مطالبة قياديّي الثورة بتأليف حكومة متفق على تكوينها من عناصر متعلّمة، كفوءة، ذو خبرة عالية في إدارة شؤون البلاد المختلفة. وذلك في غضون أسبوعين. وإلاّ يتولى المجلس العسكري تأليف الحكومة.
  • تكون مهمة الحكومة إدارة مرحلة إنتقالية، مدتها ستة أشهر فقط، تتولى خلالها: إدارة شؤون البلاد، ووضع قانون إنتخابي جديد يراعي مقرّرات الطائف والدستور.
  • الإشراف على إنتخاب مجلس نوّاب جديد ومجلس شيوخ حسب منطوق اتفاقية الطائف وإعتماد هيئات مدنيّة عالمية لمراقبة نزاهة العملية الانتخابية.
  • تكوين مجلس وزراء جديد منبثق عن تكليفات النواب المُنتخبين.
  • مطالبة قياديّي الثورة بتأليف حكومة ظلّ مهمتها مراقبة سلوك الحكومة ومساعدة الوزراء في العديد من الإجراءات الواجبة لتصحيح كل الممارسات التي أدّت إلى إنهيار الحكومة في تشرين الأول 2019.
  • تنتهي بذلك مهمة المجلس العسكري وتعود ممارسة السلطات المختلفة إلى استلام مهامها بموجب منطوق الدستور

 المهندس موسى فريجي

musa@musafreiji.com            

  www.musafreiji.com      

    28/5/2020

Add your comment Here

Your email address will not be published.