واقع ومستقبل صناعة الدواجن في السودان

February 07, 2015 Musa Freiji Articles

مع أنّ صناعة الدواجن في السودان بدأت منذ العقد الأخير من القرن الماضي لكنّ إنطلاقتها الحقيقية ظهرت منذ 2005. فتطوّرت بخُطى سريعة خاصةً بعد دخول مشاريع تربية أمات البيّاض والتسمين بشكلٍ واسع وبالتالي حلَّ الإنتاج المحلّي محل المُستورَد من كتاكيت تجاريّة عمر يوم لإنتاج بيض المائدة أو للتسمين. إنّها لظاهرة إقتصادية جديرة بالتقدير خاصةً وأنّ معظم المشاريع التي قامت منذ 2005 حتى الآن هي مشاريع حديثة من حيث البناء والمعدّات وأنظمة التهوئة والتبريد والتدفئة.

أضِف الى ذلك إنشاء أول مشروع لجدود التسمين، الأمر الذي وفَّر إستيراد حوالي 750,000 أم تسمين سنوياً بنوعية عالية وبسعر إقتصادي. لم تنجُ صناعة الدواجن من عثرات كبيرة خلال نشأتها وتطوّرها. فهي واجهت نفوقاً كبيراً وإنتاجيّة متدنّية في الحظائر المفتوحة غير المعزولة وغير المُبرّدة لأكثر من 15 عاماً.

لكنّ المشاريع الجديدة والحديثة حلّت محلّها أو ألزمَت أصحابها الى عزل وإقفال هذه الحظائر وتزويدها بمعدّات التهوئة والتبريد.

تعرّضت الدواجن في السودان الى إنفلونزا الطيور عالي الضراوة في 2007 وأصاب معظم القطعان المُربّاة في مزارع عشوائيّة الأمر الذي ألزمَ السُّلطات البيطريّة على السماح بإستخدام لقاح الإنفلونزا لمدّة سنتَين ريثما هدأت موجة إنتشار المرض.

يأتي في طليعة العوامل التي ساهمت في سرعة إنتشار تربية الدواجن إرتفاع سعر اللّحم الأحمر إرتفاعاً كبيراً وإنخفاض سعر لحم الدواجن بالمقارنة، ناهيكم عن إستحسان المستهلك ورغبته بالإقبال على لحم الدواجن. تعاني صناعة الدواجن في الوقت الحاضر من غياب التشريعات التي تؤمّن سلامتها وإستمراريّتها.

كان من الواجب أن تكون التشريعات اللاّزمة جاهزة ومعمولٌ بها بحَزم منذ بدء إنتشار الصناعة بحيث تتوسّع وتنتشر على أُسُس سليمة تضمن إستمراريّتها بعيداً عن المفاجآت المَرضيّة أو الإقتصادية. وفي كل الأحوال لا بدّ من تعداد أهمّ هذه التشريعات والقوانين التي تضمن حُسن أداء هذه الصناعة وتأثيرها على الإقتصاد القَومي السوداني:

  • على الدولة أن تحدّد الأبعاد الوِقائيّة الدُّنيا بين مشاريع الدواجن بحيث تُخفِّف من إمكانيّة إنتشار الامراض بين هذه المزارع كما حصلَ في حالة إنفلونزا الطيور عام 2007 وحالة إنتشار مرض النيوكاسل في عام 2014.

وفي هذا الخصوص يجب التفريق في الأبعاد الوقائية بين فئات الدواجن نسبةً لأهمّيتها الإقتصادية. وأنصح بأن تكون 25 كيلومتراً بين أي مشروع للجدود وأي مزرعة أخرى، وخمسة عشر كيلومتراً بين أي مشروع أمات للبيض أو التسمين وأي مزرعة أخرى، وعشرة كيلومترات بين أي مشروع لإنتاج البيض وأي مزرعة أخرى، وخمسة كيلومترات بين أي مشروع لإنتاج التسمين وأي مزرعة أخرى. أمّا بخصوص المجمّعات المَملوكة من الشركات الكبيرة فيجب أن تبعُد المزرعة الواحدة ضمن المجمّع عن الأخرى كيلومتر واحد كحدّ أدنى على أن تكون تربية الدواجن في المجمّع من نوعٍ واحد أي إمّا جدود أو أمات أو بيّاض أو تسمين وليس الخلط بين هذه الفئات.

  • على الدولة إلزام العمر الواحد من النوع الواحد في المزرعة الواحدة. ينطبق ذلك على مشاريع إنتاج البيض.
  • يجب إلزام الأبعاد الوقائية أيضاً على معامل التفريخ ومصانع الأعلاف والمجازر بحيث يبعُد أي منها عن بعضها وعن أي نشاط داجِني آخر مسافة لا تقل عن عشر كيلومترات.
  • يجب وضع مواصفات دقيقة لبناء عنابر الدواجن أو معامل التفريخ أو مصانع الأعلاف أو المجازر بحيث تعتمد أعلى درجات الأمان الحيوي Biosecurity كي يحق لها الترخيص والتشغيل.
  • يجب إخضاع كل الدواجن للفحوصات السيرولوجيّة الدَّوريّة لجهة مناعاتِها اللاّزمة ضدّ الأمراض الفيروسيّة المسموح التحصين ضدّها. وكذلك يجب التأكد عن طريق هذه الفحوصات عدم إستخدام لقاحات محظورة مع إلزام إتلاف الإيجابي منها كونَها إمّا تعرّضت للفيروس كإنفلونزا الطيور أو تمَّ تلقيحها بطريقة مخالفة.
  • يجب منع إستخدام اللّقاحات البكتيريّة للدواجن وإلزام المزارع بإعتماد إجراءات الأمان الحَيوي بغية عدم التعرُّض للأمراض البكتيريّة.
  • على الدولة وضع المواصفات القياسيّة لِلحوم الدواجن وبيض المائدة ومصنّعات الدواجن كي يتقيّد بها المُنتِجون وتكون صالحة وسليمة لغذاء المُستهلكين.
  • على الدولة إستحداث معمل تخصُّصي لأمراض الدواجن يُشرف عليه ويُديرُهُ أخصّائيّون بارِعون كي يُساهم في الكشف عن الأمراض والتأكّد من المناعات المطلوبة.
  • على الدولة وضع الرّسوم الجمركيّة الفاعلة لحماية إنتاج لحوم الدواجن من المستورد من مصادر أقل كلفة أو من مصادر مدعومٌ إنتاجها أو تصديرها ذلك كي يطمئنَّ المُستثمر من عدم تعرّضه لمنافسة غير مشروعة تهدّد إستثماره.
  • على الدولة ان تُسهِّل أمر إستحصال المزارعين على أراضٍ مناسبة بعيداً عن تعدّيات المواطنين وتتعامل مع هؤلاء المواطنين بمعزلٍ عن صاحب الأرض التي خُصِّصَت له. بمقدور السودان، بإمكانيّاتها الزراعية وخاصةً للفتريتا والفول السوداني والسمسم وهي منتجات تشكل ما يزيد عن 90% من علائق الدواجن، أن يصبح مُنتِجاً كبيراً لِلحوم الدواجن لا للإكتفاء الذاتي فحسب بل للتصدير الى دول مجلس التعاون الخليجي التي قَرُبَ حجم إستيرادها الى مليون طن سنوياً وهو على إزدياد.

Add your comment Here

Your email address will not be published.